حين يتحدث الوزير عن التنمر
مع تحفظي الكامل على نشر فيديو اعتداء طالب على زميله في مدرسة خاصة راقية بعمان، لكن القضية اخذت ابعادا نقاشية ساخنة لا بسبب القلق المزعوم من ظاهرة التنمر، بل القصة اننا في مواقع التواصل الاجتماعي مستعدون لالتقاط كل قضية ذات اثارة وجعلها في صدارة اهتمامنا.
وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز، دخل على خط النقاش من باب اشكالية التنمر، ودعا لحوار مجتمعي حول الظاهرة، متناسيا دور المدرسة التربوي في التعامل مع هذه الاشكالات.
انا اتفهم ان تقوم المدرسة الخاصة الراقية، بعمل ندوات عن ظاهرة التنمر، وان تحاول اشراك المجتمع والمختصين، واستحضار نظريات علمية لمعالجة الظاهرة.
لكن، يا معالي الوزير، وانت الشخص الراقي الانيق في تعاملك، والاكاديمي الموضوعي في فهمك، عليك ان تدرك ان ثمة اولويات كثيرة كبيرة بحاجة لإصلاح في المدارس الحكومة، بعضها قد يكون سبباً في تعميق التنمر والعنف والنزق والمزاج السيئ لدى طلابنا.
تخيل معي يا معالي الوزير طالباً في المدرسة الحكومية يمتنع مكرها عن دخول «حمامات المدرسة» لأنها غير صالحة لا للاستخدام في غالبية مدارسنا، كيف سيكون مزاجه، قطعا سيتنمر او سيسمح للآخرين بالتنمر عليه.
هناك اشكالات كثيرة في البيئة المدرسية والصفية، وتأهيل المعلمين، انت معاليك ادرى بها، لعلها سبب قاصم في ظاهرة التنمر وغيرها من الاشكالات السلوكية.
غرف مكتظة، ثلاثة طلاب يزدحمون على مقعد لا يتسع الا لاثنين، كيف ستكون العلاقة بينهم، كيف ستتوزع عناصر القوة بينهم وبين باقي طلاب الصف، اليست بيئة المدرسة الحكومية مكانا لتفريخ التنمر معاليك.
دعونا من النرجسية، ولنعرف الاشياء بأسمائها الحقيقية، هناك اولويات كبيرة يجب الانتباه لها، لا تعالجوا السرطان بالمسكنات، تعليمنا الحكومي يحتاج لجرعات كيماوية تتجاوز الاطلالات على مواقع التواصل الاجتماعي الشعبوية.