كتب نادر خطاطبة
واضح ان الحكومة ، وذراعها الادراي والرقابي في المسألة الدوائية وفحش اسعارها ،انتاجا واستيرادا ، بسياق الأمن الدوائي للمواطن ، لديهم اصرار كبير على ” ترك الحمار والامساك بالبردعة ” ..
شاهدنا واستمعنا خلال يومين لبرنامجين حواريين منفصلين على قناتي رؤيا ، والمملكة حول المسألة الدوائية ، وقرار المؤسسة العامة للغذاء والدواء منع دخول اي كمية ونوعية من المعابر ، والتراجع اللاحق عن القرار ، وأن كانت المؤسسة تسميه توضيحا ( لاتراجعا ) لقرار أسيء فهمه ، وانها ستسمح بدخول الادوية بريديا ومحمولة مع المسافرين شريطة اثبات أنها للاستخدام الشخصي وبكمية تكفي لثلاثة أشهر.
الملاحظة ان كلا البرنامجين لم يفلحا في تقديم دفوع مقنعة حول اسعار الدواء وارتفاعها ليس للمنتج المستورد فحسب، بل للمحلي ايضا ،وبدا واضحا ان مديرة الدواء في المؤسسة ، عبر قناة رؤيا، تحولت لمحلل اقتصادي في شأن تبرير الفوارق السعرية، وأن لامست اقوالها بعض الحقيقة ، الا ان الشق الأكبر منها افتقر للدقة ، فهي خاضت باثر انهيار الليرة التركية ، والجنيه المصري لتبرير الفروقات الفاحشة ، ناهيك عن اتساع السوق الاستهلاكي من حيث تعداد السكان في الدولتين مقارنة بالأردن ، وكانها تستلهم حكاية ” التاجر القنوع ” ، الذي يبيع كثيرا بربح قليل ، بالنسبة للاتراك والمصريين ، فيما الحالة الأردنية معاكسة ، ناهيك عن اصرارها الذي شاطرها الرأي فيه مدير عام المؤسسة عبر قناة المملكة ، وان غاية القرارات منع التهريب والأتجار ، مغفلين ان هذا الشان جمركي بحت ومسؤوليته لدائرة الجمارك ، التي يعرف العاملون فيها المهربين واساليبهم ، ولديهم القدرة على تمييز المحمول لغاية شخصية ، عن المراد الأتجار به..
والملاحظة الاخرى ان الناطق السابق لنقابة الاطباء الدكتورة ميسم عكروش ، بدت خلال مشاركتها عبر قناة المملكة ، واثقة من مخزونها المعرفي والخبراتي والتخصصي ، وساقت عشرات الامثلة التي تؤكد ان الادوية غير المشمولة بفواتير الشراء الموحد واغلبها لأمراض مزمنة تعني استنزاف ثلث راتب الموظف، فيما مفاجأتها كانت بكلفة علاج التهاب الكبد الوبائي C في الاردن التي تبلغ ٣٥ الف دينار ، بالمقابل لا يتجاوز ذات العلاج، الألفي دولار بالشقيقة مصر التي تكاد تتخلص من الوباء بشكل كامل ، وغير ذلك من الاستشهادات الكثير ..
اليوم خرجت علينا مديرة المختبرات السابقة في المؤسسة العامة للغذاء والدواء د. سناء قموه بتصريحات مثيرة المحت فيها إلى ” أصحاب مصالح في رسم السياسات الدوائية هدفها فقط خدمة مصالحهم الذاتية وعلى حساب قوت الأغلبية الساحقة من المستهلكين، وان سياسات التسعير للدواء مجحفة بحق المسنهلك الاردني ” مستهجنة توقيت تصريحات مدير المؤسسة بمنع ادخال الادوية مهما كانت كميتها عبر المعابر ، بعد زيارته لنقابة الصيادلة مباشرة .
وتخلص قموه الى ان اللغة التي تستخدمها المؤسسة في تبريرات قراراتها المتصلة بالسياسة الدوائية الى انها تفتقر إلى المنطق ولغة الأرقام الاقتصادية المتبعة في تسعير الدواء سواء أكان المنتج محلياً ( الجنيس) والمستورد أجنبياً ( الاصيل) ، وأن نهجها نهج تعليمات لاتخدم الا جيوب أصحاب المصالح ” ..
ما يستدعي الالتفات اليه في تصريحات قموه وهي الباحثة والأستاذة في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية قولها ” انه لدى مقارنة الأسعار مع المنظمة الدولية لتسعيرة الدواء MSH من قبل منظمة الصحة العالمية وجد أن أسعار الأدوية في الأردن أعلى ب( 15 ) ضعفا بالمقارنة مع أسعارها بالدول التي تقاربنا بمستوى الدخل الشهري للأسرة ” !!!
والمفارقة في مسألة دفوع المؤسسة على لسان مديرها حيال التسعير والياته ، انه حين دعت د. عكروش الى خفض الجمارك على الادوية أو إلغائها نهائيا ، كانت إجابة د. نزار مهيدات ان هذا الشان ليس اختصاصه الاجابه أو ابداء الراي فيه ، رغم ان من يرفع شعار الامن والامان الدوائي، يفترض ان تكون الأسعار أولوية لديه ، حتى تتحقق الأغراض والأهداف الاخرى، ووقتها سوف تجد المؤسسة وكادرها راحة واستراحة ، تقيها هم الرقابة ، والمخالفات التي تزعم استنزافها وقتا وجهدا كبيرين .
ما علينا … ولكن ، ما يستدعي الانتباه في خضم الضجيج الدائر حول الدواء وأسعاره، الصمت المطبق من أصحاب الشان الرئيسيين في القضية ، ونقصد الصناعات الدوائية من منتجين ومستوردين ، ونقابة الصيادلة، وهذه مسألة مثار علامات استفهام ، تستدعي توضيحا حول اسباب غياب الاشتباك مع القضية ؟؟!!!