“حوار آخر الليل ” / د. محمد شواقفة

“حوار آخر الليل ”

في أحد المزارع البعيدة جدا …. و في هدأة الليل … دار هذا الحوار بين كلب و حمار …. و الحوار فعلا غير حقيقي و لا يمت للواقع بأي صلة….
الكلب: لماذا لا تزال مستيقظا يا أبا صابر ؟… أليس أمامك غد شاق من العمل و التعب …. لماذا لا تنام ؟!
الحمار: لا أستطيع النوم فعلا و يلازمني الأرق رغما عني !
الكلب: لا بد أنك عاشق …. !!!
الحمار: بعد تنهيدة طويلة …أي عشق ؟! …. أنت فعلا كلب حالم !!!… لكن أم صابر تلح علي بالرحيل …. فلم تعد تطيب لها الحياة في هذه المزرعة الكئيبة ….
الكلب: مستغربا …و الى اين تريد الرحيل …؟! هنا أكل و مرعى … لا تستمع إليها …. و عفوا على المصطلح: فعلا انها حمارة !!
الحمار: هذا ما ينقصني … ؟! …لم يبق غير الكلب ليستهزئ بي …. الحق ليس عليك … الحق علي أنني أحاورك … و فعلا صدق من قال : ذيل الكلب لن ينعدل !!!
الكلب: أنت من يشتكي … لا تحاول افراغ سخطك و غضبك في … أنت لا تمتلك قرارك و قد جعلت نفسك مطية لكل من في المزرعة …. و قد شاهدت بالأمس كيف كانت ام صابر ترزح تحت عبء الحمل الثقيل من البضائع و الذي تنوء منه الجبال …. و أنت صامت و قد ابتلعت لسانك و ضممت ذيلك بين رجليك …
الحمار: أنت تتحدث عني و نسيت نفسك … تلازم الباب ليل نهار …و لا يحق لك ان تدخل لتنام مثل بقية الحيوانات … و لا ينوبك سوى بقايا الموائد و بعض من عظام …. فلا تزاود علينا … و اذا تجاوزت حدك في الكلام … لأجمعن كل الحمير في كل المزارع و لن نترك منكم كلبا يعوي و سنيتم جراءكم و نجعلكم عبرة لمن يتطاول على معاشر الحمير ….
الكلب: أنت تهددني و أنت و أقاربك يركبكم أسيادكم و يشبعونكم ضربا و شتما و في نهاية المطاف ينعتون الغبي و الساذج فيهم بالحمار … عن أي شرف تتحدث ؟!!
الحمار: المصيبة انك تنتقد الحمير و لو رفستك لاصبحت في خبر كان … و لولا نباحك الذي يحذر صاحب المزرعة اذا ما داهمه اللصوص لما احتفظ بك يوما واحدا …. جرب ان تبلع لسانك و تكف عن النباح…. سيطرك شر طردة أو سيقتلك بالبندقية كما قتل من قبل جدك و أباك.
الكلب: هكذا اذن….أظن انك وجدت من تنفس عليه حنقك و غضبك …. و ربما عجزك !!!
الحمار : ما رأيك بأن نهرب من المزرعة و تكون أنت حارسي الشخصي …. عندها أنا أعمل بحريتي و كرامتي و أنت تعيش معي و مثلي …و مقامك محفوظ بإنك المسؤول عن سلامتي … و سأجعلك تعيش في كنفي و ظلي ….و ذلك أفضل لك من عيشة الكلاب !!
الكلب: أتعلم …. أنني فعلا سابتلع لساني …. اذا كانت هذه نهايتي …. استبدل عيشة الكلاب بعيشة الحمير !!!!

” دبوس على الاختيار الصعب ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى