حنين إلى الطفل القديم / كامل النصيرات
طار الثلث الأول من رمضان..اللمة ما عادت لمّة..وطعم الأكل ليس كما كان بالأول..حتى ضحكات الناس وأحاديثهم ليست كما يجب..الموبايل في الحضن وبالجنب..قد تنسى كأس الماء عند الافطار ولا تنسى الموبايل..قد تنسى التمرة والشوربة؛ بل تنسى روحك ولا تنسى موبايلك..! تشعر أنك على لهاث حتى في أكثر الأوقات سكينة وطمأنينة..!
صوت الأطفال يملأ الشوارع كلّها ..لا يخلو شارع منهم.. هؤلاء الأطفال لا يعترفون بالحظر ولا بالكورونا..يمارسون الحياة بلا قيود إلاّ قيود صراخ الأهل الذي على الأغلب بلا فائدة..كم أتمنى أن أعود لهذا العمر؛ عمر التمرد الجميل؛ العمر الذي تقول له لأهلك: حاضر وماشي وصح ..ولا تلتزم بأي شيء..تريد أن تختطّ لك ضجيجاً يلفت الأنظار إليك ويكسر كل الحواجز التي تمنعك من النحنحة والتعبير بكل الوسائل: أنا موجود..!
الحياة ستستمر بنا وبغيرنا..بكل طبّاخيها وبكل آكليها..لكن من أراد أن يعيش الحياة وعينه على الآخرين سيخسر حياته هباء منثورا ..أم من أراد أن يعيش ليصبح قيمة مضافة لهذه الحياة ويترك بصمته فعليه ألاّ يغلق أبواب القلب والعقل.
ها هي الأيام تمضي ونحن لا نفكِّر سوى بـ شو ناكل وشو نعمل فطور وإبش نتسحر وبالك نعزم فلان وإلا لأ وهكذا تمشي أمّة مقتنعة أنها خير أمة أخرجت للناس ويصل تفكيرها الجمعي إلى المتاهة واللاطريق واللاشيء..!
أعيدوا إليّ الطفل القديم كي انتشر في كلّ الشوارع..