فيما تعلن الحملات الأمنية التي تنفذها الأجهزة الامنية ارقاما متواضعة لإعداد قطع السلاح غير المرخص، التي يتم ضبطها في مختلف مناطق المملكة، نسبة الى التقديرات الكبيرة لانتشار السلاح على أرض الواقع، ما تزال وزارة الداخلية تعكف منذ عدة اشهر على وضع مشروع قانون جديد للأسلحة والذخائر، تسعى من خلاله إلى الحد من انتشار السلاح غير المرخص.
وفي الوقت الذي يدعو فيه خبراء في مجال استخدام الأسلحة النارية، الحكومة الى تغليظ عقوبات اقتناء السلاح غير المرخص، إضافة إلى التخفيف من إجراءات تراخيص هذه الاسلحة، للحد من انتشار غير المرخص منها، فإن وزارة الداخلية تتجه إلى “دعوة المواطنين الى تسليم اسلحتهم غير المرخصة مقابل تعويض مالي”، تشجيعا لهم للتخلص من هذه الاسلحة.
وكان وزير الداخلية سلامة حماد أعلن في ايلول (سبتمبر) الماضي، انه سيتم دعوة المواطنين لتسليم أسلحتهم مقابل التعويض المالي، إلا أن الوزارة لم توضح حتى اليوم الآلية التي سيتم اعتمادها لسحب الأسلحة من بين أيدي المواطنين مقابل التعويض المالي.
تقديرات غير رسمية تشير إلى أن بين أيدي المواطنين أكثر من مليون قطعة سلاح، ما حدا بالحكومة أخيرا إلى التوجه إلى سن قانون جديد للأسلحة والذخائر، تغلظ عبره العقوبات على من يقتني أسلحة غير مرخصة.
وخلال عامي (2014-2015) قتل 5 مواطنين، وأصيب 54 آخرون، بحوادث إطلاق للعيارات النارية، ناهيك عن أن 98 % من الجرائم تتم بأسلحة غير مرخصة، وفق مصدر أمني مطلع.
وكانت الأجهزة الأمنية ضبطت خلال العام الماضي نحو 822 قطعة سلاح غير مرخصة، أرسلت إلى المختبر الجنائي لغايات فحصها والتدقيق عليها، بيد أنه لم يتم الكشف عن عدد الجرائم المرتكبة بأسلحة غير مرخصة.
ويؤكد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن الأزمة السورية زادت من نسبة ارتفاع استخدام الأسلحة النارية، من قبل المواطنين، خاصة بعد تزايد تهريب بنادق “البامبكشن” من سورية، بأسعار زهيدة، وتداولها بين المواطنين بالرغم من أنها تفتقد لشروط السلامة العامة، وتسبب العديد من الكوارث.
وكان وزير الداخلية أعلن أخيرا عن ضبط 22 ألف قطعة سلاح، تم منع دخولها إلى الأردن العام الماضي، بعد أن كانت قادمة من الأراضي السورية.
ويقول صاحب متجر لبيع الأسلحة في عمان، رفض نشر اسمه، إن رغبة الناس في اقتناء أسلحة غير مرخصة يعود لثلاثة أسباب، أولها أن الأسلحة غير المرخصة أقل سعرا من المرخصة، وكذلك للهروب من الإجراءات الأمنية المعقدة لترخيص الأسلحة.
وبحسب هذا التاجر، الذي تحدث لـ”الغد”، فإن سببا آخر لعدم الاقبال على ترخيص السلاح وتفضيل غير المرخص، وهو الاعتقاد السائد لدى المواطنين بأنه سيتم استدعاؤهم إلى الجهات الامنية في حال ارتكاب جريمة بسلاح شبيه، بالذي يقتنيه المواطن. موضحا أن هذا مفهوم خاطئ، حيث ان التقدم بطلب ترخيص سلاح، يتضمن ضمن إجراءاته، وبعد شراء السلاح بطريقة قانونية، إرساله إلى المختبر الجنائي لغايات أخذ بصمة عنه، ولهذا فإنه في حال وقوع جريمة بسلاح ناري، لا تقوم الأجهزة الأمنية باستدعاء أحد، الا مالك السلاح، الذي ارتكبت به الجريمة.
وبين أنه يتوجب على الحكومة التخفيف من اجراءات الترخيص للأسلحة، “حتى تشجع المواطن على الالتزام بشراء اسلحة مرخصة، حسب الاصول، وتوعيته بهذا الشأن، والعمل على تخفيض أسعار الاسلحة المرخصة”.
وأضاف أن هناك مواطنين لديهم شغف باقتناء السلاح، لافتا الى أن معلوماته تشير الى ان هناك ما يزيد على مليون قطعة سلاح منتشرة بأيدي المواطنين، “جميعها غير مرخصة”.
ويقوم تاجر السلاح، الذي يبيع الأسلحة وفقا للقانون، بأخذ صورة عن هوية مشتري قطعة السلاح، وإرسالها الى المركز الأمني لغايات المضي بإجراءات الترخيص.
ولا تسمح وزارة الداخلية بترخيص أي سلاح، بل يقتصر ذلك على المسدسات وبنادق الصيد وذخائرهما، وبخلاف ذلك فإن عقوبات مغلظة تتخذ بجق التاجر، من بينها إغلاق متجر السلاح وإحالته الى القضاء، بحسب هذا التاجر.
كما يدعو وزارة الداخلية الى عدم السماح باقتناء السلاح، إلا بعد اجتياز دورة تدريبية على استخدام السلاح بشكل آمن، والحصول على رخصة بذلك، كرخصة قيادة المركبات مثلا.
من جهته، يقول المحامي الدكتور غازي ذنيبات، الخبير في مجال الأسلحة، إن الأسلحة تصل إلى ايدي المواطنين “عبر وسائل تهريب متعددة”، فالأسلحة المرخصة غير متداولة للبيع، إلا في حالات نادرة، ولهذا يلجأ مواطنون لشراء الأسلحة المهربة أو غير المرخصة، في حين أن القليل من المواطنين يعرض سلاحه المرخص للبيع، وعبر محلات بيع السلاح وهذه حالات نادرة.
وفيما يتعلق بالأسلحة المرخصة، فإن المواطنين الراغبين باقتناء سلاح مرخص “يواجهون جملة من الإجراءات الإدارية والأمنية الطويلة، لغايات نقل الملكية، والحصول على موافقات أمنية، ما يدفع الراغب باقتناء السلاح إلى التوجه لغير المرخص، ناهيك عن الرغبة لدى البعض بالتهرب من الرقابة الأمنية” يقول ذنيبات.
ويلفت أيضا إلى أن البعض يحبذ اقتناء أسلحة لا يجوز ترخيصها قانونيا مثل البنادق والأسلحة الأتوماتيكية.
ويقول الذنيبات إن “الأسلحة التي يرغب باقتنائها المواطنون من الأسلحة الأتوماتيكية هي الكلاشنكوف، رشاشات “سكس تين” أميركية الصنع، لكن المواطنون يحبذون اقتناء الكلاشنكوف، كونه اقل سعرا، وأكثر تداولا في المنطقة العربية، خاصة بالمناطق الملتهبة المجاورة، سورية والعراق، التي ينتشر بها سلاح الكلاشنكوف الروسي”.
كذلك فإن سعر الكلاشنكوف اقل، حيث يصل ثمنه الى 1500 دينار، بينما يصل ثمن بندقية “م 16″ الى ما يزيد على 3 آلاف دينار.
ويتابع ذنيبات، ان الحل الامثل للخلاص من ظاهرة انتشار الاسلحة، واستخدامها، هو بـ”تغليظ العقوبة وتطبيق القانون دون هوادة على المخالفين”.
يشار الى انه عند ضبط الأمن العام للأسلحة النارية غير المرخصة، يتم التحفظ عليها، ومصادرتها، وعدم التصرف بها، وفق ما ذكر مسؤول أمني