حليبُ الأرانب / م .عبدالكريم ابو زنيمه

حليبُ الأرانب

وأخيراً تم إقرار قانون الضريبة بفضلِ السّادة نوابنا الأكارم الذينَ اخترناهم ضا ربين بعرض الحائط كل الاعتراضات الشعبية عليه، وخيراً فعل من نشر أسماء النواب الذين صوتوا لصالح القانون عسى أن تكون هذه القائمة وثيقة نحفظها وندخرها ليومٍ آتٍ لنواجههم بها.
الطريقة التى سوّق بها القانون ومن دافع عنه ذكرتني بحادثةٍ مُضحكة ! حيث اشترى أحدهم زوجاً من الأرانب بخمسةِ دنانير، بعد فترة ضاقت زوجته بهما وألحت عليه بالتخلص منهما..عبثاً حاول إقناعها بالاحتفاظ بهما لكنها أصرت على رأيها ولم يكن أمامه إلا السمع والطاعة، في اليوم الثاني توجه إلى عمله وتباحث مع مرؤسية بالأمر واتفقوا على خطة لتسويق بيعهما لزميل لهم يسمونه بالمدني “أي من المدينة” وهو غير العارف بالحياة الريفية ! بدأت عملية التسويق وعلى مسمع من المدني عن الأرانب التي يقتنيها صاحبنا ! أسهب صاحبنا بالحديث عن سلالتها وأصالتها وكثرة إنجابها وأفاض بالشرح عن ميزاتها..لكن أهم ميزة ذكرها هي فوائد حليبها التي لا تعد ولا تحصى وأنه يُباع بالغرام لفوائده الصحية ! وهنا قاطعه أحدهم بأنَّه قبل أشهرٍ اشترى خمس غرامات بمبلغ عشرة دنانير وبدأ بالتهويل للفوائد التي طرأت على صحته ! قاطعه آخر سائلاً : كم لتر يا أبو مجاهد تحلب باليوم ! أجاب مو كثير يا ابو خالد..أيام 70 غرام وايام 100 غرام ! يعني يا ابو مجاهد يجيك باليوم 150 دينار وانت قاعد بينا ! أبو مجاهد يبتسم بخبث ويقول…أرزاق يا ابو نادر..بس شو بدي أقول لقطيعة الرزق وراسها والف سيف غير تتخلص منهم ! وعمداً فيها حلفت يمين غير أبيعهم بنص سعرهم ! وهنا بادر الحضور برغبتهم بشرائها متسائلين عن سعرهما بما فيهم المدني ! ابو مجاهد يقاطهم ..يا جماعة انا اشتريتهم بخمسين دينار ! الكل يريد شرائهما ! ابو مجاهد يقول :يا جماعة لا تزعلوا ! نعملها قرعة وصاحب النصيب يشتريهم ! يقص ابو مجاهد اربع قصاصات من الورق ويكتب عليها جميعها المدني ! يثنيهم ويطبقهم ويرميهم أمامهم ويطلب من ابو نادر باختيار واحدة ومن يكون الاسم يكون صاحب النصيب ! يسحب ابو نادر الورقة ويقوم ابو مجاهد بالتقاط الاوراق الباقية ويضعهما في جيبة ! يفتح ابو نادر الورقة ويقرأ الاسم..المدني ! يستل المدني من جيبه خمسة وعشرون ديناراً ويناولها لابو مجاهد ! مبروك عليك وبكره الصبح يكونوا عندك !
هكذا حاولت حكومتنا الرشيدة تسويق ضريبتها علينا عبر طواقمها الوزارية وأعيانها وكتابها وبعض نوابنا عبر جولاتهم وصولاتهم على المحافظات ! لكن مع فارق أنَّ لا أحد من المواطنين صدقها ! وأنَّ الثقة بين الشعب والحكومات المتعاقبة متدنية جداً إن لم تكن معدومة، الشعب على درجةٍ عالية من الوعي والإدراك بأنَّ أفراد هذه الحكومات ما هم إلا موظفين وأدوات لدى صندوق النقد والبنك الدولي ينفذون اشتراطاتهم وبرامجهم وبأنَّ هذه السياسات لن تجلب للمواطن إلا مزيداً من الفقرِ والبطالة وتردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وغداً موعدنا مع رئيس حكومة جديد وحليب الأرانب !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى