حكومة غافلة و معلم صاحي !! / د. محمد شواقفة

” حكومة غافلة و معلم صاحي !!”

لا يذكرني التعامل الحكومي الفاشل مع ملف المعلمين الا بقصة الصياد الذي وجد لؤلؤة في جوف سمكة و ذهب ليبيعها …
كانت ضخمة و جميلة و نادرة …. ذهب لاحد تجار المجوهرات الذي تفحصها و وجد انها فعلا ثمينة و لا يمكن لتاجر عادي ان يدفع ثمنها … فنصحه بالذهاب لقصر الحاكم الذي كان يحب المجوهرات و يقتنيها مهما كان ثمنها …. و بالفعل أخذ بالنصيحة و ذهب للحاكم الذي عرف قيمتها و ندرتها …و لكنه اعترف في قرارة نفسه انها ستكلفه ثروة طائلة …. و دخل الشيطان و الطمع لقلبه رغم انه اعترف بأن الجوهرة كنز ثمين ….
طلب من مستشاريه أن يسعفوه بحل يجعله يمتلك هذه التحفة الفريدة بأقل الاسعار … لم يك يرغب بأن يأخذها اغتصابا لأن أمرها كان قد شاع و ذاع في البلاد و كل الناس باتت تعرف بقصة الصياد و كنزه الثمين …. اقترح أحد المستشارين الذين يتمتعون بدهاء عجيب أن يعرض على الصياد الدخول لخزائنه لمدة ست ساعات و يحمل ما يشاء أو يستطيع من الخيرات من ذهب و حلي و مجوهرات ….
شعر الصياد بأن هذا عرضا مغريا لم يك يحلم به من قبل … رغم أنه شعر بأن ست ساعات مدة طويلة جدا و قد تكفيه ساعتين أو ثلاث …50٪ من العرض قد تكون كل ما يحتاجه … لكن الحاكم أصر على ست ساعات إحقاقا للحق و لكي لا يطلم الصياد قيد أنمله.
دخل الصياد لغرف الخزائن المترعة بالذهب و الحلي و المجوهرات و كان يجاورها غرفة فيها سرير فخم وثير لم تر مثله عيناه و غرفة أخرى تزخر بما لذ و طاب من الطعام و الشراب مما لا عينه رأت ولا أذنه سمعت …. وقبل أن يهم بجمع كل ما تستطيع يداه و جيوبه أن تحمله … قال ولم لا أتذوق هذا الطعام الشهي اللذيذ … فلا زال معي وقت طويل جدا لجمع ما أريد و أكثر … و بالفعل ابتدأ بالأكل حتى شبع و ارتخت عضلات بطنه و بدأ يشعر بنعاس شديد … ولم يك صعبا عليه أن يغوص في أعماق ذلك السرير في وسط الفراش الوثير و غط في نوم عميق…. و هو يحلم بما سيحمله من كنوز و غنائم …. و لم يستفق الا على صوت حراس القصر و خدمه بأن مهلة الست ساعات قد انقضت و هو بذلك نفذ بنود الاتفاق و لم يكن الحاكم معه بظالم أو مخادع … فقد منحه ست ساعات بدلا من ساعتين او ثلاثة …. و لكن المدة انقضت ولم يحصل سوى على ما أكله من تلك المائدة و اغفاءة أضاعت عليه تحقيق حلمه.
المعلمون هم الجوهرة الحقيقية وليسوا بغفلة الصياد ليدخلوا في متاهات الحكومة الجشعه ..و يتم إلهائهم بموائد مؤقته ..فهذه كلها متع زائلة لم يبحث عنها المعلم يوما ما …. . و لم يعتادوا على الراحة والفراش الوثير .. فهم لا تسيطر عليهم الغفلة ولن تنطلي عليه حيل الكلام المنمق و الوعود الكاذبة ….المعلمون لو تستثمر الحكومة بهم فعلا سيجلبون لها ألف جوهرة … و لا يطلبون الدخول لخزائن الحكومة و سيقبلون بما تعطيهم …. و مطلبهم ليس منة من الحكومة أو مكرمة …. و هم لا يرغبون بالعرض المغري الحكومي لأنه يبدو كخديعة كبرى…. فلا داع لمزيد من الكذب و التضليل و الفشل …. و حافظوا على كنزنا الاكبر و هو التعليم .

” المعلم هو كنزنا ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى