فوق هاتيك الربى / جروان المعاني

فوق هاتيك الربى

ممرات للخروج الآمن، مناطق خضراء، وعود امريكية للرد على همجية الانظمة التي تقتل شعوبها ..!
الردة، التوبة، اعلان البراء والولاء ، كلها وسائل متاحة لتتمكن من العيش في المناطق الخضراء او الخروج من ممر آمن لتعيش في مخيمٍ من مخيمات اللجوء حيث تكون محروسة على الاغلب بالدم ..!
اطفال، نساء، عجزة، هم على الاغلب ضحايا لمفردات تاريخية حاقدة، لطوائف وملل لا علاقة لها بالانسانية او بالإسلام والنصرانية، مفردات مجبولة بذاكرة سوداء صنعتها افكار مثالية كالوطنية والقومية والاممية وغيرها.
كثيرا ما تنتابني شكوك حول امور نتغنى بها، كحالة العشق بين الانسان والارض، او الولاء والانتماء، وسبب كل ذلك ان من يتفوهون بها ما رضعوا يوما من حليب الارض، وانهم يُصلون بلا وضوء وربما يكررون الصلاة مع كل جماعة وينهون صلاتهم بالدعاء والتوعد بالويل على كل من يخالف ملتهم.
لست ارى جدوى من تفصيل احداث الموت السوري واسرار الغاز السام، ولا مبرر للحديث عن حال الموصل وما يجري في العراق، والغباء يتجلى بمعرفة ما يجري في اليمن وليبيا او عدم حضور ملك المغرب للقمة العربية، لا جدوى اطلاقا من احصاء عدد الضحايا فالأمر الاكثر اهمية ان نرفع صور الزعماء على الجدران ونتسابق نحو رسم الجداريات التي تخلد الزعيم حامي الضحايا .
لست ارى جدوى من الحديث عن تركيا وايران، وعن حق الاكراد في اقامة دولتهم والعيش بسلام، ولا عن تعاظم الخلاف بين امريكا وروسيا او اتفاقهم، ولا عن النقاشات التي تجري بين ادعياء الثقافة والاعلام حول السبل الكفيلة بحماية القدس والحد من المستوطنات، او قتل بنات وأولاد المدارس في شوارع فلسطين، بل لا جدوى من الحديث عن الفساد وغلاء الاسعار والنهب اليومي لجيب المواطن بفعل مخالفات السير، لا جدوى من الحديث في أي أمر دون الاقرار بربوبية اسرائيل وشعب الله المختار .
وحتى يصبح لكلماتنا معنى ولوجودنا جدوى فعلينا بالتوبة والتوقف عن الحديث في الاديان وصراع الحضارات، والارتقاء بإنسانيتنا، والبحث عن سبل التواصل مع قادتنا كي يرضوا عنا، وعلى زعماءنا فعل كل ما يستطيعوا لإرضاء اسرائيل كي نعيش بسلام ونبقى منطقة خضراء محمية، وفتح ممرات امنة لكل الراغبين بالانضمام لمعشر المهجرين، فهي الجنسية الاكثر أماناً حيث انهيال المساعدات الدولية والزواج بالمجان.
ماذا سيحدث لو رفعنا لافتات تقول نعم لإسرائيل وأمريكا ولا لكل الانظمة العربية، لا للكيماوي ونعم لكنتاكي، نعم للحديث عن البيئة وزراعة الغردق، ولا للنخيل والجِمال، لا لكل اشارات التعجب والاستفهام، ونعم للقبول بقدر الله المكتوب، وان كل سعي باتجاه فهم ما يجري ومحاولة توضيحه للعامة وإثارة حميتهم سيؤدي لمزيد من الخراب في البنيان وزيادة عدد ضحايا العقل .
في عالم لا عنوان ثابت فيه للإنسان، صار من المجدي ان نبحث نحن العرب عن وسيلة تفوت الفرصة على المشتهين لأكل لحمنا وعلى الراغبين بتجربة اسلحتهم ونشر دياناتهم في بلادنا.
في عالم يخلو من كل ضمير يريد منا ان نكون عبيداً، صعب جدا ان تتحدث (فوق هاتيك الربى) عن الحرية والكرامة دون قبول الموت من اجل الزعيم.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى