حكومة تسلخ جلد المواطن / علي السنيد

حكومة تسلخ جلد المواطن

يبدو ان رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي لا يكتفي برفع محدود للاسعار او يؤمن بالتدريج في عمليات الرفع ولكنه راح يحضر بلا هوادة لثورة اسعار في الاردن. وهو يتجاوز كل حكومات المملكة التي سبقته بقدرته على الرفع، ويضرب المثال والنموذج في التجرؤ على حياة المواطن الاردني الغلبان، وقد دشن ارتفاعا كبيرا على مستويات المعيشة في الاردن.

وهذا الرئيس لم يكتف كحال غيره من حكومات الجباية بتشيلح الاردني ملابسه، ولكنه تجاوز كل ذلك الى سلخ جلد المواطن بلا ادنى رحمة ودون الاكتراث بقدرة هذا الانسان على التعامل مع احتياجات الحياة الرئيسية المطلوبة منه يوميا. فالرئيس لا يملك مشاعراً تربطه بالناس العاديين، وهو غير معني بالامهم واوجاعهم، ولا علاقة له بالفقراء، وهو يشبه تماما ذلك السيد التقليدي الذي يحمل سوطا ويجلد ظهور الناس بلا ادنى رحمة او احساس بادميتهم وقيمتهم البشرية.

والحكومة السطحية لم تدرك الى اللحظة مقدار الخلل الذي احدثته في معادلة الداخل الاردني خاصة وان الاردنيين لا يزالون لم يلمسوا مقدار الرفوعات التي ترتبت على كاهل كل اسرة اردنية، وانا ادعوا الى التحسب وطنيا لليوم الاول لرفع اسعار الخبز وكذلك لمتوالية الرفع التي ستشمل عمليا كل ما هو موجود على ارفف المحلات التجارية من سلع ومواد غذائية، وكذلك لبقية الخدمات التي ستتأثر بالرفع وستلتحق به سريعا.

مقالات ذات صلة

وهذه السياسة الخرقاء التي تهدف الى تقليص العجز السنوي في موازنة الدولة من خلال الجباية تعمل على نقل هذا العجز الى موازنة المواطن الاردني اليومية ، وستؤدي حتما الى حدوث انكماش اقتصادي في الدولة وتفقد القطاعات الاقتصادية قدرتها على التنافسية ، وتحقيق الارباح وبذلك تضطر بدلا من التوسع الى الانكماش وبالتالي تقل ايرادات الدولة من الضرائب والرسوم، وتتلاشى قدرة القطاعات المنتجة على توليد فرص العمل للأردنيين، وهكذا تتزايد نسب الفقر والبطالة، ولا يخفى ان كثيرا من مؤسسات القطاع الخاص بدأت تخير موظفيها بين القبول بخفض رواتبهم بنسبة 10% الى 15% او ان تضطر بكل اسف الى تقليص عدد موظفيها ، وهذا يحدث في الاردن بفضل حكومات الجباية.

وربما ان من مقتضيات المسؤولية الوطنية بعد نفاذ سلسلة الرفع التي جاء بها الملقي وكلفت الاردنيين ما ينوف عن المليار دينار من اصل موازنة سنوية لا تزيد عن التسعة مليارات ان لا تبقى هذه الحكومة الشؤم في وجوه الاردنيين طويلاً، وهذا يفتح الباب لاجراء تغيير حكومي ينزع صاعق الانفجار الشعبي، وخاصة تحسبا للايام الاولى للرفع، والتي يجب ان يتم التنبه فيها لخطورة ما قد يجري في بعض المخابز، وخاصة في المناطق الفقيرة، ومحاولة امتصاص اية حالات غضب شعبية بإظهار اعلى درجات المرونة الرسمية، وربما ان كثيرا من المخابز ستغلق في الاشهر القليلة القادمة لانخفاض هامش الربح، وبذلك سيجرب الاردنيون معاناة الاصطفاف على الدور.

وتبقى التمنيات لله العلي القدير ان يحمي استقرار الاردن في ظل معادلة صعبة تلتقي فيها رغبة خارجية جامحة باضعاف الموقف الاردني ولو من خلال زعزعة الداخل الوطني، وحكومات لا تدرك حدود المسؤولية الوطنية فتدفع مواطنيها الى حافة الانفجار، وكأنها اداة امينة لتنفيذ هذه الرغبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى