حكاية بطعم السُّكّر

حكاية بطعم السُّكّر
كامل النصيرات

كان في جيبي مبلغ لا يزيد عن أربعة دنانير وقتَ حدوث القصة..جئتُ من الغور إلى عمّان..لديّ أكثر من موعد ولكنّ هناك وقتاً فارغاً بين المواعيد يزيد عن الساعتين ؛ قررتُ أن أتغدّى فيه ..خياري المسبق هو (نصف فروجة) ..مش معقول أنتع مشوار من الغور لعمّان دون أن ( أتزفّر)..
عادتي السيئة في التعاطي مع الجاج المشوي قبل (شمطها) ؛ هي هي .. اغراق المشوي بالليمون ورش كمّيات لا بأس بها من الملح ..فيلتصق الملح مع الليمون..واحرص تماماً على ألاّ يبقى أي جزء إلاّ ويصله الليمون والملح..!
نصف الفروجة أمامي..فرحي الداخلي بحجم الكون..وجوعي يزداد..قمتُ بطقوسي كاملةً قبل الهجوم..وما كادت اللقمة الأولى تصل إلى بعض زوايا فمي الداخلية حتى أدركتُ خطيئتي وعظيم مأساتي..بدلاً من أن أرشّ الملح؛ خربطتُ ورششتُ السكّر..!! يا فرحة أمّك فيك يا كامل..! بل يا فرخة الفراخ وشماتتهم..!
إن طلبتُ واحدة أخرى فليس معي ما أروّح به إلى الغور..إن قمتُ وغسلتها سيكتشف كل من في المطعم ذلك ومش حلوة بحقّي..! وإن حاولتُ تخفيف السكر عنها فالليمون قام بواجب التلصيق والتذويب..! أنا جائع..جائع مليء بالحسرة..
التهمتها بكلّ حسرة وألم عن بكرة أبيها..التهمتها وأنا أكاد أبكي ولكنّي (ماسك حالي)..! التهمتها بكلّ غصصها..كأي مواطن الآن ينزلون عليه بالقرارات الموجعة ويرشّون عليها السكّر ويلتهمها غصب عن اللي خلّفه..وحينها أدركت مقولة : يرشّ على الموتِ سكّر..!
هي الحياة حين يكون الألم والنكد بطعم السكّر..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى