#حقوق_النشر و #براءات_الاختراع و #الاسلام
يعتقد الكثير من المثقفين الإسلامين ان حقوق النشر وبراءات الاختراع ليست حقوق شرعية ولا يجب احترامها. ويقيسون ذلك على الماضي وان الكتاب والادباء والفقهاء كتبوا الاف الكتب ولم يمنعوا احدا من نقلها او نشرها. هذا الرأي يعكس ضيق افق وجمودا فكريا وجهل لواقع النشر وما طرأ عليه من ثورات واضافات وتحسينات وامكانيات لم تكن موجودة في الماضي. وبعد اختراع الطباعة وانتشار المطابع واختراع الات التصوير وتحول الكتابة الى فن وعلم وتجارة تدر ارباحاً كبيرة اصبحت قوانين حقوق الطبع والنشر والملكية الفكرية من انفع القوانين، ليس فقط لصاحب الانتاج الفني والعلمي مادياً بل معنوياً له واصبح احترامها من اكبر الدوافع الى مزيد من الكتابة والتفكير والابداع وهذا ما احدث ثورة اوروبا الصناعية . فكيف لمن لا يضمن لجهده ان يعود عليه بالنفع ان يبادر الى الانتاج الفكري والعلمي. خاصة اذا علم ان غيره ممن يملك الة تصوير ان يشاركه في الانتفاع المادي بل ويتفوق عليه.
لم يعد هناك امراء يكافئون الكتاب والمفكرين بوزن كتبهم ذهباً ولا فضة ولا حتى نحاسا. ولا يمكن ان نتوقع ان يفعل ذلك احد الحكام. ليس لبخل او قلة اهتمام بالعلم بل لأن الافكار والنظريات والاختراعات لا يتبين اهميتها فور صدورها من المطابع. فكثير من الاعمال التي نالت جوائز عالمية قيمة وشهرة واقبال واعادة طباعة لم يحصل لها ذلك الا بعد مرور سنين او حتى عشرات السنين. ان اينشتاين مثلًا بقي يعرض افكاره سنين عديدة على العلماء والمجامع العلمية قبل ان تلاقي قبولاً ، وحتى بعد ادراك قيمتها النظرية لم يتبدى اثرها العظيم في الواقع الا بعد عشرات السنين. فكيف لحاكم او رئس او ملك ان يقدر قيمة افكار كهذه فور صدورها من مؤلفها.
حتى من كتب من العلماء في الماضي لوجه الله خالصا فلا شك انهم استفادوا من ذلك جاهاً وشعبية واموالاً كثرة. فلا وجه لحرمان العلماء والكتاب اليوم من الانتفاع بجهودهم وثمرات افئدتهم.
اما الاختراعات فقد كانت في الماضي تبقى من الاسرار التي لا يمكن تناقلها الا بنفس الاسرة. وهذا الاحتكار كان بديلاً عن براءة الاختراع اليوم ولكنه بديل سيء اناني ابدلنا الله به براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية . فلم تكن هناك مختبرات تستطع ان تكشف مكونات دواء ما كما هو الحال اليوم.
ان مثل هذا المنشور يبدو للبعض من باب لزوم ما لا يلزم وقول ما هو معلوم بالضرورة ولكن الواقع ان قطاعاً عريضاً من الاسلاميين يحتاجون الى مراجعة افكارهم وعدم الانصياع لأقوال فقهاء يعيشون خارج الزمن.
يروى ان احد العطارين كان يصنع دواءاً ناجعاً لمرض ما وعندما مات ايقن الناس انهم خسروا ذلك الدواء للابد ولكن الخليل بن احمد الفراهيدي سمع بالامر فطلب منهم احضار الوعاء الذي كان الرجل الراحل يستعمله في تحضير الدواء . فلما احضروه استطاع ان يميز خمسة عشر عنصراً من اصل ستة عشر داخلة في المزيج بحاسة الشم لديه. ولولاه لخسر الناس ذلك الدواء. فكان ذلك الدواء وامثاله يتمتع ببراءة اختراع ناتجة عن عدم وجود من يكشف اسراره الا في النادر. اما اليوم فابسط المختبرات تكشف اعقد التركيبات بل ان منتج الدواء اليوم يضع على العلبة المكونات وهو مطمئن على حقوقه وبراءة اختراعه.