حصّة مراجعة..

مقال الخميس 3-3-2016
حصّة مراجعة..
بعد الغروب ،تعتبر الطريق الواصلة من عمان إلى الرمثا “حصة مراجعة” لحبّ الوطن بأكمله، فتفتُّح أضوية البيوت على الهضاب القريبة ، واشتعال المآذن بالضوء الأخضر كشموع سماوية ، وعودة عجوز جرشية بعنزاتها السمراوات من بين الأحراش ،دخان الأفران القليلة التي تحركها بهدوء أنفاس المغيب، السرو المحني على جبهة الجبل ، شرطي “الدوريات الخارجية” الذي آثر أن يصلّي المغرب حاضراً فمدّ سجادته نحو الجنوب.. السيارات الصغيرة العائدة الى بيوت الشمال بعد يوم شاق وطويل…طيبة الناس ، تشابه الملامح ، تقارب الطباع ، تطابق الاهتمامات، تجعلك تعشق هذه الأرض أكثر وأكثر..
وكلما مدت الطريق كفها لي بطمأنينة وأمان ،شكرت الله كثيراً ان وهبنا وطناً مثل وطني ،هانئاً حنوناً طيباً أمينا آمناً…فالأمان مثل الصحة لا يدرك قيمتها الاّ من فقدها…وأمان هذا البلد مسيّج بأبنائه في جميع مواقعهم ،مسيّج بدعاء الأمهات الطيبات وببركة “الختيارية” الذين لم يعرفوا سبيلاً للحرام يوماً…

فقط لو نتخلّص من “ثآليل” الفساد التي تشوّه الوجه الجميل..ويرزقنا الله حكومة تشبه أبناء البلد وتشبه طين البلد ، حكومة وطنية من “خارج الصندوق”، تبني على الانجاز ،وتنقض الأخطاء والخراب ، تعتبر أن خدمة الوطن والناس رسالة وليس منصب ولقب..حكومة تنقّب عن نفطنا الحقيقي ، تنقّب عن “عقول” الأردنيين … تكسر أصنام الوزارات والدوائر الذين يحبطون الإبداع ويكرهون التطور ،حكومة قرارها وخبزها وحبرها واكتفاؤها كله “صنع في “الأردن” ، حكومة تسدد كل فواتير “الطاقة” ان هي استغلّت الطاقة البشرية التي لدينا ، حكومة تحلّق على مستوى منخفض من هموم الناس واحتياجات الناس ، حكومة لا تمدّ يدها على جيب الفقراء وتقطعها عن جيب المتنفذين ، حكومة لم تأت من نسل “الدوار الرابع” يوماً ولم تختلط بأنساب المحسوبية والمحاسيب..حكومة مثل قلب “وصفي” وعقلية “مهاتير” ، حكومة تؤمن أن زمن المعجزات لم ينتهِ بعد ، وأن المعجزة البشرية ممكن ان تصنع بيد بشرية ايضاَ..هذا ما نحتاجه…هل هذا مستحيل؟!!.

كلما ركبت سيارتي صباحاً متوجهاً الى عملي وشاهدت وجه الوطن بعيون الناس بضحكات طالبات المدارس ،بتفاؤل صاحب “بكب الخضار”..قلت بملء صوتي ” ربي ما يحرمني منك..يا أردن”!..

أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. هو الدرس الأول والأخير … ” و ط ن ي .. ا ل أ ر د ن ” .. عندما نشعر بالألم لحزنه ونستشعر الفخر بشجاعة ابنائه وننام على وسادته مطمئنين بسهر رجاله
    هو الأردن .. بكل ما فيه ومن فيه .. سلم كل ما فيه ومن فيه … من عاش في اربد قبل ليلتين ثم نام في بيته مطمئنا ان في شوارعها نشامى قد تكفلوا بالمهمة .. يعلم جيدا ان الأردن هو كل ما نملك .. رغم كل ما فيك يا وطني من ” وحمات ” … نحبك

  2. الاردن كان وسيبقى باذن الله الواحد القهار .. ملجأ للمستجير مغيثا للملهوف وطنا للاحرار , قبلة للصديق والجار , جمرا على الاشرار , نارا في وجه كل خائن معتد اثيم غدار .!

  3. أعشق وطني … ﻷن رائحة ترابه معجونة بدماء الشهداء … كلما هطل المطر هبت نسائم مسك وعنبر … رحم الله راشد ومعاذ وكل شهداء الوطن

  4. زوبعة من غبار ..يصفو الجو ..وتكتنز سماؤنا بغمام الحب ..تمطر أرض الورد ..سكينة ورحمة

    لأجل ذلك نحبك ونحب قلمك يا ابو عبد الله .. نحترم وقفتك ..معلما ما حاد عن الحق والوطنية يوما …حصة المراجعة هذه ..نقرأها في سطورك كل يوم …ونشكر الله على على تفوقنا وتميزنا فيها

    يا شامة فوق خد الوطن الاجمل ..أبكيتني هذا الصباح .. فقد أوجزت مشاعر ملاييين الاردنين في سطور ..وسطرت فوق كراستنا صح ونجمه تليق بقلوب النشامى وحميتهم

    ( وربنا ما يحرمنا من قلمك يا ابو عبدالله)

  5. نحنُ نُشبه لغتنَا كثيراً
    فبعضُنا له ضَميرٌ ظَاهِر
    وبعضُنا له ضَميرٌ مُستتر
    ويُحزنني أن أضِيف أنّ ما تبقّى ضمائر غائبة !
    الله اكبر لله درك ..
    أنت لست متسلط على الحرف والكلمة.. بل هما في كنفك بخير ..!

  6. للوطن في القلب اغنية لا تشبهها اي اغنية كلماتها مكتوبة بدموع امهاتنا الصابرات والحانها من زغاريد امهات الشهداء ونحن نغنيها طربا وفرحا بوطن يعانق الغيم
    شكرا لله وحمدا لانك بخير يا وطن العطاء

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى