حزم الحكومة الاقتصادية
موسى العدوان
أطلق رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز
في نهاية شهر اكتوبر الماضي حزما معينة، لتحفيز الاقتصاد والاستثمار، اللذين وصلا هذه الأيام إلى اسوأ حالاتهما.
ولكن دعونا ننظر إلى إحدى الدول الأسيوية الصغيرة، لنرى كيف عالجت موضوعي الاقتصاد والاستثمار، وتحولت من دولة فقيرة لتصبح في طليعة الدول المتقدمة بفضل رجل واحد.
” لي كوان يو ” تولى منصب رئيس وزراء سنغافورة بالانتخاب عام ١٩٥٩، واستمر بإشغاله حتى ١٩٩٠ عندما استقال بنفسه من الحكم، بعد أن نهض ببلاده التي كانت تفتقر لمصادر الثروة، وتواجه العديد من المشكلات ،من بينها البطالة، وأزمة السكن، والركود الاقتصادي، والفساد الأداري.
ولمواجهة هذا الحال البائس اهتم الرئيس ببناء الأنسان، فأصبحت سنغافورة خلال سنوات معدودة في طليعة الدول الغنية والمتقدمة.
لم يطلق ” لي كوان يو ” حزما اقتصادية، بل أطلق سؤالا واحدا هو : ما الذي نملكه، وما الذي لانملكه في سنغافورة ؟
وأجاب على سؤاله بأن رأس ماله الذي يملكه، هو فقط موقع بلاده في وسط آسيا ومينائها الوحيد. فوضع خطته للنهوض بها اقتصاديا والتي اعتمدت
على النواحب التالية :
١. اختيار المسؤولين الذين سيتولون قطاعات الانتاج، بحيث لا يشغل المنصب إلا من تنطبق عليه المواصفات المطلوبة. على أن يسمح لكل منهم فترة زمنية محدودة في العمل، ومن تثبت عدم جدارته للمهمة، تتم تنحيته والإتيان بغيره.
٢. يتم وضع قاعدة للعمل الوزاري تلزم كل وزير بمساعدة زميله في عمله، لأن تباطؤ وحدة واحدة من الهيكل التنظيمي للحكومة في تنفيذ الخطة، بؤدي إلى تعثر المشروع بكامله.
٣. تتابع الجهات الرقابية عمل الجميع، للتاكد من سير العمل على ما يرام دون تقصير.
٤. يتم العمل ضمن إطار دولة القانون، وتطبيق المحاسبة والمساءلة على الجميع دون استثناء.
استغرق تنفيذ هذه الخطة كاملة خمس سنوات فقط، بدأت بعدها النتائج الإيجابية تظهر على الفور.
وعند بداية الألفية الثالثة أصبح دخل الفرد السنوي ٣٠٠٠٠ دولار بدلا من ١٠٠٠ دولار في السموات السابقة. وأصبح لدى سنغافورة أنجح شركة طيران في العالم، وأفضل مطار جوي، وانشط ميناء بحري، كما تعد سنغافورة من اكثر بلدان العالم أمنا واستقرارا.
فهل الحزم الاقتصادية التي أعلنها دولة الدكتور الرزاز، ستحقق نتائج مماثلة وتغير أحوالنا الأقتصادية فعلا إلى الأفضل، وتحسن مستوى معيشة الناس، وترفع مستوى دخل الفرد، وتعيد توطين الاستثمار خلال السنوات القليلة القادمة ؟ الزمن وحده هو الكفيل بالإجابة على هذه الأسئلة ..!
التاريخ : ٢٩ / ١١ / ٢٠١٩