حزب الله ومعضلة الانتخابات اللبنانية

#حزب_الله ومعضلة #الانتخابات_اللبنانية

#فؤاد_البطاينة
يبدو أن ملف انتخاب رئاسة الجمهورية اللبنانية ما زال عالقاً، ومحل بحث ومناورات من دون حسم على المستويين الداخلي والإقليمي، وكذلك محل عجز على المستوى الدولي. فأمريكا وفرنسا على قناعة بأن لا قدرة لهما أو لأي منهما على إحداث اختراق على لساحة اللبنانية، وبأن القادر على ذلك والماسك بخيوط اللعبة هما الطرفان الإقليميان السعودية وإيران.
ومع ذلك يبدو للبعض من المتابعين للشأن اللبناني بأن ما يجري من مستجدات هيكلية على خارطة التحالفات، فيها ما يؤشر على قدرة أحد الطرفين الرئيسيين على حسم الموقف، إلا أن هذا ليس أكثر من وهم ولا يؤدي لنتيجة. ويؤشرون في هذا إلى حصول الطلاق الرسمي بين حزب الله والتيار الوطني الذي أعلن تقاطع خياره الإنتخابي مع خيار جعجع، وأدى الى انشقاق في التيار تمثل بتمرد عدد ليس بقليل منه يرفضون توجه باسيل نحو خيار من خارج التيار. ويشار أيضاً الى انضمام كتلة التغيير مجهولة الإنتماء الى معارضة جعجع، مع بقاء وضعي السنة والدروز مجمداً حيث ينتظر الدروز تبلور موازين القوة ليتخذوا موقفهم بينما السنة ينتظرون بغالبيتهم قرار السعودية. مع أنهما معاً لا يشكلان ً بيضة القبان في تحقيق نصاب عقد جلسة الإنتخاب.
كما يُمكن الإشارة إلى تغيير قد حصل في خطاب البطريرك اتجاه حزب الله بعد عودته من لقاء ماكرون. ولكن تشير نتائج لقاء موفده مع حزب الله للخروج من المأزق إلى عكس ذلك وإلى فشل. فعلى ما يبدو أن مساعي البطريرك في فرنسا كانت منصبة على الطلب من فرنسا بعدم دعم ترشيح فرنجية وترك الخيار للتشاور المسيحي المسيحي، وربما أيضاً أبدى للرئيس الفرنسي تخوفه من أن يكون هناك اتفاق للسعودية مع إيران على حساب المسيحيين. كل هذا وغيره لا قيمة له أمام إحصائية الحسم الإنتخابي ومعادلتها كما سيلي.
وحتى فرنسا أصبحت مقتنعة بهذا وباستحالة وبخطورة فرض رئيس جمهورية على حزب الله ولم تعد ممانعة لدعم ترشيح فرنجية رغبة بالخروج من الأزمة لتطلعها الى دور في لبنان مستقر، وتعلم بأن الهاجس الوحيد لتنافس الشخصيات والكتل المسيحية ليست موضوعية بقدر ما هي شكلية ًوعائلية تتمحور حول زعامة المسيحيين. وتعلم بأن اتفاقية الطائف جردت رئيس الجمهورية من صلاحياته مع الإنتباه هنا إلى أن الطوائف اللبنانية الثلاث (سنية وشيعية ومارونية) كل منها يمتلك حق الفيتو على القرارات الداخلية السيادية أو الهامة، فرئيس الجمهورية الماروني يمتلك هذا الفيتو، ورئيس الوزراء السني يمتلكه، ووزير المالية الذي تكرس كموقع شيعي يمتلكه. وكذلك تعلم بأن الحصة المعطلة في هذه الأزمة هي المارونية أو المسيحية.
للخروج بتصور حقيقي لا واهم، لا بد من استحضار خارطة التكتلات السياسية الآن والتي قد تتغير غداً. فهذه الخارطة لا يُمكن أن يتشكل بموجبها امكانية انتخاب رئيس جمهورية وهذا متصل بمخرجات الإنتخابات النيابية الأخيرة. فلو استطاع أي طرف من الطرفين تأمين أغلبية الثلثين المطلوبة من أصل ال 128 نائباً لانتخاب الرئيس في الجولة الأولى، أو تأمين الأغلبية المطلقة ( 65 نائباً ) اللازمة لانتخاب الرئيس في الجولة الثانية التي تُعقد مباشرة، فإن الطرف الثاني عندها يستطيع أن يمنع انعقاد جلسة الإنتخاب في الحالتين لأنه يمتلك الثلث المعطل ( 43 نائباً ) لنصاب أي من الجلستين البالع (86 )..وباختصار يمكن لأي طرف لا يضمن نجاح مرشحه أن يفقد أي جلسة انتخاب نصابها. فتعطيل نصاب انعقاد الجلسة يحتاج إلى 43 نائبا وهذا الرقم يمتلكه الطرفان في كل الحالات تقريباً.
فمهما بلغت المناقلات والإصطفافات في ما بين الطرفين بل وحتى لو انضم نواب السنه والدروز لطرف من الطرفين فسيبقى لدى الطرف الأخر 43 نائباً على الأقل لإفقاد الجلسة نصاب اجتماعها لإسقاطها. ومن هنا ومن معرفة فرنسا وأمريكا بهذه الحقيقة فقد هددت أمريكا بفرض عقوبات على كل من يتخلف عن جلسة النصاب. ونعود للقول لا يحل الأزمة سوى التوافق أو بتعاون السعودية وإيران أخذين بالإعتبار بأن حزب الله ربما ومعه الكثيرون يعتقدون بأن ترشيح جهاد أزعور لا يختلف عن ترشيح معوض إذ ليس هو المستهدف الحقيقي بالترشيح. لذلك يصر حزب الله على سلامة مبدأ الترشيح
الآن، ومن أخر تطورات الموقف لم نر تغييرا في موقف السعودية. وهذه إشارة سلبية بالنسبة الى حزب الله وإلى مبدأ التوافق والإستقرار في لبنان. فالطرح المسيحي الجديد المستوحى هو أن منصب رئيس الجمهورية يخصهم وحدهم وأنه من حقهم أن يكون الرئيس معبراً عن إرادة الأكثرية المسيحية بمعزل عن إرادة لبنان واللبنانيين، وبأنه يجب على الأطراف الأخرى أن تنصاع لذلك. ويصورون هراء سياسياً بأن فرنجيه مرشح مسلمين. ويبدو أن السعودية تقف للآن مع خيار هذا الطرف بهذا المفهوم، رغم أنه مفهوم مُستجد ويتعارض مع تقاليد التعايش السياسي بين طوائف لبنان. ولا أدري إن كانت السعودية تعتقد بأنها بموقفها ترفع عنها العتب الإيراني، ولا أعتقد عندها أن ايران ستتدخل لا سيما وأن حزب الله يستطيع بسهولة إفشال أو إسقاط النصاب، وتبقى المسألة معلقة لحين حدوث اختراق إقليمي.
كاتب وباحث اردني
Print This Post

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى