عن المرأة الأردنية .. / عبادة الزبيدي

عن المرأة الأردنية
لطالما كانت قضية المرأة في العالم العربي تحديدًا إحدى أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية،وبلا شك ينعكس حال المرأة في العالم على حال المرأة الأردنية بطريقة أو بأخرى فنجد بعض الأصوات تطالب بمنحها مزيدًا من التحرر ومزيدًا من التمكين في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة ولكن السؤال الذي يبقى دائمًا مطروحًا على طاولة النقاش هو ما الذي تريده المرأة الأردنية تحديدًا؟،يبدو سؤالاً سهلاً للوهلة الأولى ولكن للإجابة عليه علينا أن نحدد مكان المرأة على سُلم المجتمع الأردني.

لا شك بأن المرأة الأردنية استطاعت بعد عمل دؤوب وبجدارة أن تستلم مناصب مهمة في الدولة كالوزارات ومجلس النواب،رئاسة التحرير وبالإضافة إلى تواجدها في النقابات والمجالس البلدية كذلك سجلت حضورًا متميز في مجال التعليم والطب والهندسة والقضاء،في الحقيقة أينما وجهت نظرك تجد المرأة في الأردن،في المكاتب في العيادات في الأسواق والمحلات في المدارس والجامعات فأين هو الخلل إذًا؟،لماذا تستمر قضية حقوق المرأة بالظهور من حينٍ إلى آخر وكأن الأمر يبدو بأن المجتمع يقمع المرأة ويريد لها أن تبقى حبيسة المنزل للطبخ والغسيل والاهتمام بالزوج والعائلة بينما ما يظهر للعيان هو عكسُ ذلك تمامًا؟.

“المساواة”.. من المستحيل أن تسمع أو تقرأ خطابًا لمنظمات الدفاع عن حقوق المرأة على مستوى العالم دون أن تجد فيه كلمة المساواة،لا شك بأن الشعارات البراقة دائمًا ما تستخدم للفت النظر كشعار المساواة بين الرجل والمرأة بينما في الواقع لا يمكن أن نساوي بين مختلفين ولا حتى في أكثر الدول ديمقراطية،شخصيًا أعتبر بأن المساواة بين الرجل والمرأة هي إهانة للطرفين وأذهب إلى أبعد من المساواة بين مختلفين لأقول بأن المساواة بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة هو أمرُ مستحيل كذلك وعلى سبيل المثال لنسلط الضوء على البرلمان الأردني ونتحدث بكل صراحة لولا وجود “الكوتة” لما شاهدنا هذا التمثيل الواضح للمرأة في البرلمان الأردني ونستطيع أن نعزي السبب إلى عدم ثقة المجتمع الذكوري بقدرة المرأة على تولي ملفات اجتماعية ذكورية بحته،وفي الجانب الآخر نحن مجتمع محكوم بعادات وتقاليد تراكمت منذ مئات السنين ومن ضمنها شكل المجتمع المصبوغ بالذكورية وبغض النظر ان كان ذلك سلبي أو ايجابي ولكنه واقع.

علينا أن نعترف بأن هناك تعنت من الطرفين سبب انعدام الثقة بينهما وأوصلنا إلى ما نحن عليه الآن ولا ننكر بأن الرجل له نصيب الأسد من المشكلة ولا ننكر كذلك بأن الرجل هو جزءٌ من الحل كما هو جزءٌ من المشكلة هذا اذا أردنا فعلًا أن نزيل الغشاوة وننظر للأمر بموضوعية بهدف فتح صفحةٍ جديدة عنوانها الشراكة وعدم اقصاء الآخر.

مقالات ذات صلة

أستطيع تشبيه تلك الشريحة التي تطالب بحقوق المرأة بذلك الممثل الذي يلعب دور المظلوم المقهور بعد أن تقمص شخصيته حتى بات يصدق بأنه فعلاً مظلوم!..اذا كنا فعلياً نريد أن نبني مجتمعًا متماسك علينا أن نؤمن بمدأ المشاركة والمناصفة فالرجل نصف المجتمع والمرأة نصفه الآخر دون أن يطغى دور أحدهما على الآخر،قد يبدو الأمر مثاليًا ولكنه لم يكن يومًا من المستحيلات وما نحتاجه فعلًا هو تنمية الوعي لدى الطرفين لإيجاد نوعٍ من التسوية تتيح لنا اغلاق هذا الملف للأبد والتفكير بما هو أهم من تبادل التهم من الطرفين.
المرأة لم تكن يومًا عورة ولم تكُن يوما ناقصة عقل ودين ولكنها كانت وما زالت مربية ومعلمة وطبيبة ومهندسة لها ما للرجل وعليها ما عليه دون الغوص بتلك التفاصيل التي تشرخ المجتمع وتساهم في تفككه كما تسمح للغرب بالتدخل في شؤوننا الشخصية،نحن نضع أيدينا على الجرح بحثًا عن العلاج أما هؤلاء الذين يدفعون المرأة إلى حافة الهاوية بتلك الشعارات البراقة الفارغة من مضمونها والمليئة بالسموم لا يهمهم أن يلتئم الجرح بل من مصلحتهم أن يبقى مفتوحًا ليزداد تقرحًا حتى تبقى تلك الذريعة التي لطالما استخدمت للتدخل في المجتمع الأردني كما استخدمت في غيره وهذا ما يجب على المرأة في الأردن أن تفهمه لتكون جزءًا من الحل.

ومن هنا أقدم تحية احترام وتقدير لجهود المرأة الأردنية في كافة المجالات التي ساهمت في ارتقاء الأردن بين دول العالم وأتمنى لها مزيدًا من التقدم ومزيدًا من التميز فنجاحنا كمجتمع وكدولة من نجاحها ولن تكون يومًا إلا جزءًا من هذا النسيج المترابط والمتجانس على الرغم من كل هذه الإختلافات إلا أنها تبقى شريكًا أساسي في صناعة الحضارة على مستوى العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى