حرية ولقمة عيش

حرية ولقمة عيش
جروان المعاني

من المؤسف أننا عاجزون عن تحديد أولوياتنا، فإذا سلمنا أن الحرية تعني كرامة الحياة وقيمتها، وان الإنسان في كل تاريخه كان يسعى من اجلها أدركنا من أين يجب أن نبدأ.
ما علاقة الحرية بالإنتاج والى أي حد يمكن للإنسان ان يتحلى بالصبر، وكثير من الاسئلة التي تفرض نفسها في المرحلة الثانية من مراحل الربيع العربي الدامي والمدمي، حيث تمثلت المرحلة الاولى بطغيان الدم من العراق الى سوريا واليمن وليبيا، ومع اختلاف المعطيات كانت الحرية ولقمة العيش المبرر الاساس للثورات.
يقول المطلعون بخفايا الامور ان ما حدث في تونس والسودان والجزائر وما يحدث اليوم في لبنان هو تمهيدا للانتقال للمرحلة الثالثة التي ستشمل الاردن والسعودية والخليج عموما من اجل الانتهاء من قضية (اسرائيل) ويهودية الدولة والانتهاء من موضوع فلسطين.!
نعم منذ البداية كانت المسميات شكلية، وكان الوسيط الامريكي والغربي عموما لا هم له الا تأمين دولة الاحتلال والتفكير بكيفية الخلاص من كل ممانع، فخلقوا الرعب من الاسلام السياسي، وجففوا منابع القوة بتولية الشأن العام للرعاع ثم جاء دور فرض الخاوات على الدول النفطية لتمويل حاجات اسرائيل وامريكا بحجة حمايتها من ايران والمجهول, ودائما يكرر ترامب ان على دول الخليج ان تدفع مقابل حمايتها فهي دول لا تمتلك شيئا سوى المال .
الدول كلها مديونة وتكاد تكون مرهونة لصندوق النقد الدولي، لا تستطيع تأمين قوت شعبها، دول مهددة بالانهيار الداخلي فرفعت الشعوب شعارات صعبة جدا تدعو لاسقاط الانظمة، وادارات هذه الدول لا تمتلك الا التلويح بالقوة لاسكات الشعوب، فاجتمع الجوع مع القمع.
تروي مصادر موثوقة أن(وصفي التل) احد رؤساء وزراء الأردن المميزين بسماته القيادية، كان قد التقى السفير الأمريكي يوما وأثناء الحوار تحدث السفير بأنه يستطيع أن يجوع الشعب الأردني بمجرد أن يوقف المساعدات الأمريكية من القمح، فما كان من وصفي التل إلا إن تجول في الأردن شرقه وغربه، شماله وجنوبه محرضا الفلاحين على زراعة الأرض بالقمح والشعير، واستخدم بنفسه المحراث مشجعا للشعب الذي يتهمه السفير الأمريكي بالكسل، وزرع الأردنيين وكافئهم رب السماء بالمطر، فكان موسما غلت فيه الأرض وامتلأت (الكواري) حتى أن معان صدرت القمح للسعودية في ذلك العام.
في المرحلة الحالية من مراحل الربيع العربي يتمخض الجبل ليلد فأرا، ووصل الناس الى حدود عدم الاكتراث بالحاكم، ولا وجود لقيادات تضبط ايقاع التحرك ويمنع الانفلات، فاذا كان الحريري في لبنان مهدد ولبنان اصابه الشلل مع تخفيضه لرواتب الوزراء والنواب للنصف، وتلبية كثير من المطالب الشعبية فان الرزاز وحكومته في الاردن يسعون لاقرار قانون تقاعد للنواب برغم فلاس الخزينة فماذا تتوقعون من المجتمع الاردني ان يهتف.!
الرغبة الاكيدة لدى الاردنيين بالامن والامان لن تمنع الانجرار للهاوية سواء من خلال تلاعب اصابع غريبة بمصيرنا او من خلال سوء ادارة للازمة وربما تجتمع عوامل اكثر لتصرخ بوجوهنا وتخبرنا ان النهاية مرعبة واننا لا نختلف كثيرا عن بقية البلدان، (ايها الاردنيون تنبهوا ترى انتو مش غير)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى