حرب الكاميرات / يوسف غيشان

حرب الكاميرات
إنهم يمكرون بنا، لا تصدقوا عفوية انهماكنا في التفاصيل غير المهمة على الإطلاق، وضياعنا بين أطنان من المعلومات والهرطقات والحوارات والمجادلات والمناورات ..أطنان لا يجمعها سوى محاولة أن يمكروا بنا.
طوفان دافق من الأخبار والإخباريات والمعلومات غير المجدية تمنعنا في ممارسة الشهيق والزفير بشكل طبيعي وارادي، بل يتحكمون بشهيقنا وزفيرنا على الريموت كونترول ، بهدف واضح ومحدد لهم وهو:
منع الناس من الإهتمام بالمعارف الأساسية التي يحتاجونها، وإبقاءهم بعيدين عن المشاكل الإجتماعية التي تواجههم، والذي لا يعرف علّته لا يتداوى لينجو منها ….هذا أمر طبيعي جدا.
لكن غير الطبيعي على الإطلاق هو أن النخب السياسية والإقتصادية التي تسيطر على قرارانا السياسي والإقتصادي تنوي أن تبقينا دوما خارج دائرة الحدث، وخارج دائرة الإهتمام بقضايانا وطموحاتنا ، حتى تستمر في سيطرتها التامة على مقرراتنا وأحلامنا وأمنياتنا.
واذا لم تنفع سياسة الإغراق في التفاهات، فلديهم استراتيجيات أخرى كثيرة ومتنوعة من أجل ابقاء الناس على هامش الهامش، فهم يبتكرون مشاكل ، أو يكبرون مشاكل صغيرة لتصبح بحجم الوطن :
– مشاكل اقليمية يتم نثرها كالأشواك المسمومة في طريقنا بين فترة وأخرى ، ثم تختفي كما جاءت ، وتعود لكأنها قادمة من العدم..حينما يريدون طبعا.
– انتخابات يتم وسمها ووصمها بالنزاهة …. ثم نضيع بين شرعيتها ولا شرعيتها. تغيّب عن جلسات ، هوشات وطوشات اشتباكات بالمكتات والكنادر والمسدسات، يتبع ذلك مجموعة مناسف ومصالحات وتعود الأمور الى “مجاريها”، ثم تندلع المناوشات من جديد.
– كاميرات في كل مكان تجعلنا نركز على ما هو امامنا فقط، ونمشى “على الخط الخط ونقول يا رب السترة” وننسى ما حولنا وما يجري فينا وما يخطط لنا …..وننهمك في معارك بائسة مع الكاميرات، من اجل التحايل عليها..وهم يحتالون علينا في كل شئ…لأننا نكون مثل الأحصنة التي يضعون الجلد على جوانب عيونها، فلا نرى الا ما يريدوننا ان نراه، وكما يريدوننا ان نراه، وليس كما هو في الواقع.

وتلولحي يا دالية
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى