#حبة_قبل_وحبة_بعد / محمد عياش القرعان

#حبة_قبل_وحبة_بعد

كتب لي طبيب يوماُ علاجاً… فقال لي الصيدلي.. تناول منه حبة قبل الأكل ثلاث مرات… فقلت له ممازحاً سأتناول منه حبة قبل وحبة بعد، فذلك أنجع وأفضل… فقال لي يا أخي لا يجوز ذلك (الشغلة مش على كيفك! )..
( انا على شو جبتها هاي القصة بصراحة مش عارف 😕) …

المهم…..
مواعظ الجنائز،، اصبحت مثل الدواء، حبّة قبل وحبّة بعد… عفوا اقصد موعظة قبل الدفن وموعظة بعد الدفن مباشرة… وأحياناً تكون هناك موعظة في بيت العزاء، وتلك نافلة..

تشعر وكأن هذه الأمور اصبحت من بروتوكلات العزاء الرسمية، ومن فرائض الجنازة التي لا تصحّ الجنازة الا بها.. حتى اذا غاب أحد الشيوخ قبل الدفن او بعد الدفن لظرفٍ ما، يصبح هناك ارتباكٌ وحرجٌ كبير عند أقارب الميت… والكل يُصيح هنا وهناك بصوتٍ عالٍ (وين الشيخ وين الشيخ يا جماعة…مين شاف الشيخ ؟؟! )
واذا غاب الشيخ لظرفٍ ما ولم يحضر بديل له، تصبح الجنازة ناقصة من إحدى كرنفالاتها الرئيسية! …
والله يعين الميت اذا لم يكن هناك شيخ يلقي على مسامع الحاضرين المُتعبين، موعظة في حرّ الصيف الحارق او في برد الشتاء القارص!!

مقالات ذات صلة

وأخشى على الميت حينها ان لا يرتاح في قبره، إذا لم يحضر أحد شيوخ الدعوة والتبليغ عند دفنه، رجال الدعوة الذين استبدلوا بدعة التلقين عند رأس الميت الى فرض الموعظة والدعاء عند الدفن.. واصبحت من الفروض التي لا يجوز تركها بأي حال من الأحوال….
حتى السُنة يثاب فاعلها ولا يؤثم تاركها…واحيانا يجب ترك السنة سنة حتى لا تصبح مثل الفرض، مثل عندما صلّى الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلاة التروايح في بيته، وعندما سُئل قال (خشيت ان تفرض عليكم) او كما قال!
اما الدرس قبل وبعد الدفن، هذا من الأمور التي لا يجوز تركها ابداً!

ناهيك عن الأمور الأخرى المستحدثة التي اتعبت واهلكت الناس، واصبحت تكلف اكثر من حفلات الأفراح والزواج… في حالة تناقض عجيب! وفي وقتٍ معظم الناس تشكي فيه القلة والفقر والعَوَز، ولكن في مثل هذه الأمور تجد بذخاً واسرافاً غير مبرّر، يناقضُ حال الناس العام….
ولو أُنفِقت هذه الأموال في أمور أخرى لكان افضل واحسن…

هذه الأمور التي اصبحت من مراسم العزاءات الرسمية …
مثل مهرجان إحضار الميت من المستشفى الى البيت… يجب وجود طابور كبير من السيارات من المستشفى الى البيت…
وبدون وجود هذا الطابور يصبح العزاء ناقص… الى حفلة اخراجه من البيت الى الجامع وتوديعه قبل الذهاب….. ثم حفلة الدرس المستحدث قبل الصلاة عليه بنحو ساعة واجبار الناس على سماعها…… ثم اقامة الصلاة بعد الأذان مباشرة دون انتظار اي دقيقة زائدة….. ثم حفلة اقامة بيت العزاء الفاخر… وعمل الغداء للضيوف طيلة ايام العزاء (وجيرة الله يا جماعة الكل معزوم) وأحياناً يعملون عشاءً للحضور … الى حفلة تقديم التمر والقهوة والماء، وجلب افخر الكراسي والسجاد تليق بمقام الميت والحضور! …..الى حفلة توزيع الفطائر والاقراص او الكنافة بعد مرور أسبوع من وفاة الميت، وذلك حسب زعمهم صدقة عن روحه… الى حفلة استحداث اقامة وليمة الونيسة عن روح الميت…. الى حفلة الاربعينية …
من الأمور الغريبة والعجيبة، ان الناس تولم وتطعم الطعام في العزاءات… . وأما في حفلات الاعراس التي أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم حينما قال (أولم ولو بشاة) ..فأنك تقطع المسافات البعيدة من أجل ان تاكل صحن كنافة او حبة أسفنج ..!!
أيهما أولى، الإطعام في الافراح، ام في حالات الموت…؟؟!
وكأن أهل الميت يحتفلون بموت فقيدهم، وهم لا يشعرون!!

أرحمونا من هذه العادات البالية والبدع المستحدثة ، لقد هلكنا وتعبنا والله!

وسامحوني على قصر المقال…

#ابن_عيشون

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى