سواليف
“حارس الزبد”.. هناء موسى
تشي قصص “حارس الزبد” الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بحرْفيّة وتمكُّن على مستويَي الرؤية والتقنية، وتقترن موضوعاتُها بوعيٍ متقدِّم بعزلة الإنسان، والاحتجاج على الواقع المنطوي على أزمات إنسانية حادّة. يتبدّى ذلك من خلال علاقة الإنسان بالإنسان، وعلاقته بالكائنات والموجودات، بحيث تتداعى الحواجز بينها، في وحدةٍ تلملم التشظّي، وفي الوقت نفسه تفتح عيوننا على ما تفتَّق من نسيج الحضارة والحياة.
«هل هي حربٌ في مكانٍ ما؟! هل هو صدى رصاصة تنفجر في دماغِ مقاتلٍ قرّرَ عصيان الأوامر، أم طلقة تخترق جسدَ شخصٍ صُودف وجوده في المكان الخطأ، ولكن في التوقيت الصحيح لموته، أم هو ثقبٌ في جمجمة الدكتاتور حيث ينسَلّ ضحاياه من هناك، أم صـرخةُ زوجة الدكتاتور تعلنُ ولادةَ دكتاتور جديد صغير؟!
حمقى أولئك الطيبون إذ يظنّون أنّ الشـر مؤقَّت!»
ما يلفت الانتباه في مجموعة “حارس الزبد” المكونة من (19) قصة واقعة في (112) صفحة من القطع المتوسط، ليس المتعة والإدهاش فحسب، لكنّه الأثر الذي يدوم، ويستفزّ الأسئلة، فيترك التأويلُ للقارئ متعةَ الكشف عن أكثر من مغزى في النص الواحد، بما يصحب ذلك من كثافة التركيب اللغوي وثراء المجاز.
«ما الموت؟! إنه مثل أن يقفز أحدهم من فوق صخرة عالية تحيط بها الغيوم إلى المجهول، إلى احتمالات جديدة كثيرة.
هل هو أرضٌ أخرى؟ كيف تكون هذه الأرضُ؟! جنةً أم قفراً؟! موحشةً أم مأهولةً؟! كيف سيكون سقوطُه؟! هل ستتناثر عظامُه أم تسيلُ روحُه كما الشلّال، أم تتمايل والريح؟! أم سماءٌ، أم فضاءٌ لا نهائيّ؟! وسيسقط ويسقط من دون أرض أو سماء أو أشياء يمكن تسميتها..».
تعدّدت مستويات السرد، وتنوّعت الأصوات، وتداخلت الأمكنة والأزمنة، لكنّ هناء موسى تمكّنت من التنقُّل بخفّة بينها، لنلمَحَ محاولات مغايرة لتجريبِ شكلٍ جديد، وقد نجحت الكاتبة في تقديمِ صياغةٍ وبِناءٍ يستعصيان على الفهم المتعجِّل، ويحمِلان أوجُه متعدِّدة مِن التأويلات.
الكاتبة “هناء موسى” من مواليد غزة، حصلت على شهادة البكالوريوس في الطب البشـري من جامعة القلمون/ سوريا، وتقيم في قطر، “حارس الزبد” هي مجموعتها القصصية الأولى.