مقال الخميس 8-12-2016
النص الأصلي
هذه الخطبة برعاية..!!
أفنينا أكثر من ثلثي أعمارنا ونحن نبحث عن المعني الحرفي للــ”طعّة” في المعجم الوسيط ،الصحيح، المحيط ،المصباح المنير، وغيرها من الكتب المعنية بالكلمات والمصطلحات دون فائدة..علّنا نعرف ما الذي كان يقصده آباؤنا عندما يصفون الحالة بالــ “طعة وقايمة”..
المعنى الحرفي للــ” طعة وقايمة” هي أن تجرؤ مديرية أوقاف في إحدى المحافظات على التعاون مباشرة مع وكالة الإنماء الأمريكية “يو أسد أيد” وأخذ مساعدات منها لتبني مركزاً لتطوير وتحديث الخطاب الديني و بناء قدرات الأئمة والوعاظ طبعاً بإشراف “usaid” ،وكذلك افتتاح قاعة للحاسوب فيها 26 حاسوباً وثلاث قاعات كل ذلك بتكلفة 230 ألف دينار أردنيا دون أن تعرف وزارة الأوقاف بذلك أو تكون مرجعية الاتفاق. هذا من الناحية الإجرائية الإدارية..أما من الناحية الأمنية كيف لمؤسسة حكومية أن تتلقى دعماً خارجياً وبتنسيق باطني دون الإعلان عنه،و دون أن تستشعر ذلك المؤسسات الأمنية أو يكون لها اطلاع أو موافقة ..أما من الناحية المبدئية والأخلاقية والشرعية كيف لمديرية الأوقاف التابعة للوزارة الدينية الوحيدة في الحكومة أن تتلقى دعماً مالياً من أمريكا؟؟؟؟؟..”أمريكا” التي تعشعش في حناجر الخطباء وتتصدر الأدعية الساحقة الماحقة أيام الجمع ويوم عرفة وفي العشر الأواخر من رمضان والليالي البيض..
ثم كيف لي أن أتخيل شكل تحديث الخطاب الديني المُنكّه بــ”اليو أس أيد” ؟ هل سيرتدي خطباء تلك المديرية ..”الجينز” بدلاً من الدشداشة والقبعة الأمريكية بدلاً من “اللفة”..ويضع الخطيب في فمه عود كبريت على طريقة أفلام الكاوبوي بدلاً من “السواك” ..يصعد الى المنبر ويقول : “hi guys” فيرد المصلّون عليه بأصوات متفرقة ” hi man”…ثم على طريقة تنبيه المطارات يقوم المؤذن الذي يرتدي “فيزت على شباح أبيض” يعلن على الأذان ” طن طان..حان الآن موعد أذان الجمعة “..”طن طان..شكراً لاستماعكم”…وأثناء الخطبة تمر شاشة اليكترونية فوق رأس الخطيب مكتوب عليها بخط احمر: ” هذه الخطبة برعاية “برجر كينج”…وفي الاستراحة بين الخطبتين على رأي صديقي الكاتب الساخر صالح عربيات هناك “كوفي بريك”..عن أي شكل خطاب ديني قادم ترعاه وتبنيه وتهندسه “اليو اسد أيد” ونحن غافلون؟.الخطاب الديني وبناء القاعات برعاية وكالة الإنماء ألأمريكية ..يشبه تماماً الإعلان عن أذان المغرب برعاية ” امستيل – بير”..ما الذي يجري بحق السماء!!.
ليس الدعم المريب والغايات بعيدة المدى هو القلق الوحيد بالنسبة لنا..المقلق الأكبر كيف تتصرف منظمة خارجية على أرض ذات سيادية بكامل الحرية دون ان ترجع لإدارة الدولة ؟ كيف له ان تتقدم وتخترق وتوجّه دون ان تستأذن أو تحترم قانون وخصوصية البلد..هذا مؤشر خطير على قدرتها للوصول الى مناطق أكثر حساسية ودعمها واختراقها والعمل معها بهدوء دون ان نعرف !!
المسألة اكبر من قاعة وحاسوب ومكتب …
احد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com