جيشنا الأخضر / عارف عواد الهلال

جيشنا الأخضر

منذ اللحظات الأولى لأحداث “قلعة الكرك” وأنا أتردد عن الكتابة خشية رأي قد يكون زيادة في الإرباك الذي لا يلزم في مثل هذه الظروف الحرجة التي تتطلب الحركة بصمت، فأبدو وكأنني أزيد فوق الارتجالات ارتجالا جديدا، غير أن ما ظهر خلال الأيام الماضية من إحباط لمشاعر المواطن الأردني من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، ومن مشرق شمسه إلى مغيبها حضني على نفث بعض الكلمات انتصارا لهيبة أجهزتنا الأمنية اليقظة، وإحقاقا لسمعة قواتنا المسلحة المتوثبة، وجميعها موضع الثقة ومحط الأمل ومبعث الطمأنينة للأردنيين الشرفاء الغيورين الذي لا يغمضون أعينهم على القذى.

أولا: أتمنى صادقا وقلبي معلق بالسماء، وعيني تنظر إلى بارئها أن لا يكون ما قيل عن ضعف المعلومات الأمنية عن تلك “الخلية” التي كانت بداية العملية مقصودا بسوء، فإن كان ما زل به لسان مسؤول لا يعي معنى كلامه في ظرف أشبه بالمعركة فالأمر يمكن تداركه، أما إن كان عن سوء نية وسواد قصد ليبدي القائل -وهو (مسؤول)- وكأن الأجهزة الأمنية تفتقر للتعاون الأمني فيما بينها فهذا نذير خطير، والحقيقة الجلية سرعان ما انجلت عنها الغشاوة حين تبينت السيرة الذاتية والقيود الأمنية والأسبقيات الجرمية لعناصر “الخلية”.

ثانيا: ما يقال رسميا وعلى ألسنة مسؤولين حكوميين فيه استهتار ولا يرقى إلى قناعة الشعب الأردني ذي الخلفية العسكرية، فلربما غالبية الأردنيين عسكريون، إما ممن كان لهم شرف الخدمة العسكرية التطوعية بمختلف أجهزة المؤسسة العسكرية، أو من خلال تطبيق قانون خدمة العلم الذي استوعب مئات الآلاف من المواطنين الذين تلقوا التدريب العسكري الاحترافي، وآخرهم عهدا بالخدمة على أبواب الخمسينات من العمر الآن، وهؤلاء يعون وعيا تاما معنى العمل العسكري الميداني، ويعلمون وبحرفية عالية كيفية التعامل مع الأحداث على الأرض المفتوحة أو المغلقة، وهي بكل تأكيد خلاف ما يصرح به على لسان من لم يرتد اللباس العسكري يوما.

ثالثا: حجم الإصابات سواء بين المدنيين أو رجال الأمن ينم عن عملية عسكرية كبيرة يتوجب على الحكومة أن تتجرأ وتصرح بحجمها لا أن تبقى تلوك الكلام البعيد عن الواقع ليبدو وكأن الأجهزة الأمنية هي الأضعف في ساحة المواجهة، فالوطن يتحمل الشهداء، لا بل إن الشهداء هم عنوان هذا الوطن منذ العهد الأول مع الوطن.

رابعا: وأخيرا… نؤمن إيمانا مطلقا، ونثق ثقة بلا حدود بقواتنا المسلحة الباسلة بكافة أجهزتها وعناصرها، وبحرفيتها المشهود لها عالميا، وشهادتنا هي الأهم حين نعيد إلى الأذهان ما جرى بالأمس القريب بمدينة إربد في أحياء مكتظة بالسكان، ووسط الأسواق في عملية أمنية واسعة المساحة لمداهمة خلية على وشك العمل، فعلى الرغم من خطورة تلك لم تسل قطرة دم لمواطن مدني، ويكفي مؤسستنا العسكرية فخرا يؤكد حرفيتها بأن أول من يسقط من شهدائها الضباط الذين يتقدمون الرتب الأخرى… ولدينا العديد من الأمثلة المشرفة التي هي بحجم الوطن وأكبر.
حمى الله الوطن عزيزا وأعز الله قيادته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى