
جوهرة ثمينة من #جواهر_الإيمان: خبيء العمل الصالح
قال الحبيب المحبوب المصطفى صلى الله عليه وسلّم: ((من استطاع منكم أن يكونَ له خَبيءٌ [خَبءٌ] من عملٍ صالحٍ فلْيفْعلْ)) الراوي: الزبير بن العوام | المحدث: الألباني | المصدر: السلسلة الصحيحة – خلاصة حكم المحدث: صحيح
نعم، إنه ذلك الكنز الخفي الذي لا تراه عيون الناس، ولكن الله يراه ويضاعف أجره. إنه ذلك السر بين العبد وربه، الذي يضيء في ظلمة القبر، ويوم تقوم القيامة، ويوم نعرض على الله عز وجل.
لماذا نحرص على هذا الخبيء؟
لأنه الترياق الوحيد لمرض الرياء الذي قد يفتك بالأعمال ويبطلها. لأن فيه شفاء للقلب من تعلقها بمدح الناس وخوفها من ذمهم. عندما يكون لك عمل لا يعلم به أحد سوى الله جلّ وعلا وتقدّس، فإنك تشعر بحلاوة الإيمان، وقد يكرمك الله بدرجة الإحسان (أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ) وتكون من المحسنين الذي يحبّهم الله تعالى وقد ذكرهم في خمسة مواضع في القرآن الكريم
﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة البقرة آية 195
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة آل عمران آية 134
﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة آل عمران آية 148
﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة المائدة آية 13
﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة المائدة آية 93
وكيف يكون لنا هذا الخبيء؟
الأمر أسهل مما نتصور، وأعظم أجراً مما نعتقد. إنه ليس مقصوراً على الأغنياء أو العلماء، بل هو متاح للجميع:
- صدقة السر: أن تدفع تمرة أو ريالاً أو درهما أو ديناراً في يد فقير، ولا يعلم به أحد. أو أن تسدّد ديناً عن معسر، وتطلب منه ألا يخبر أحداً.
- دموع الخشية: أن تبكي من خشية الله في جوف الليل، فلا يراك إلا الرحمن.
- صلاة الليل: أن تقوم من فراشك الدافئ لتقف بين يدي الله، شاكياً متضرعاً، في ظلمة الليل وهدوئه.
- صلة الرحم سراً: أن تصل قريباً قطعك، دون أن تذكر له ذلك.
- ذكر خفي: أن تسبح الله في قلبك وأنت تسير في الطريق، أو في مكتبك.
- علم نافع: أن تعلم شخصاً شيئاً من الدين أو الدنيا دون أن تنتظر منه شكراً.
- كلمة طيبة: أن ترفع همة محبط، أو تمسح دموع حزين، دون أن تنتظر منه مقابل.
تذكر دائماً:
إن اليوم الذي سنكون فيه أحوج ما نكون إلى هذا الخبيء آت لا محالة. ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
يوم لا ينفع مال ولا بنون أي: لا يقي المرء من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا: ولا بنون} ولو افتدى بمن في الأرض جميعا، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله، وإخلاص الدين له، والتبري من الشرك; ولهذا قال: إلا من أتى الله بقلب سليم} أي: سالم من الدنس والشرك.
قال محمد بن سيرين: القلب السليم أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
يوم نندم على كل لحظة أضعناها في طلب مرضاة الناس على حساب مرضاة الله.
فلينظر كل واحد منا في قلبه وفي رصيده:
ماذا أعددنا من زاد لذلك اليوم؟
ماذا ادّخرنا في صندوق ادّخارنا؟
لا تؤجل هذا الخير. ابدأ اليوم. اختر عملاً صالحاً صغيراً، واجعله سراً بينك وبين الله. ستذوق طعماً للإيمان لم تذقه من قبل.
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.