سواليف
في الذكرى الرابعة لإسقاط الطائرة ، كتب المهندس جواد الكساسبة رسالة مؤثرة لشقيقه الشهيد الطيار معاذ ، قال فيها :
بعد الانقطاع الطويل يغلبني الشوق للحديث معك يا معاذ
قبل أربعة أعوام من الان عام 2014 و في مثل هذه اللحظات تماما كنت في سهرة في بيت أحد الاقارب و دق جرس هاتفي لتكون هذه الدقة و هذا الاتصال و هذه الكلمات آخر ما سمعته من فم الشهيد البطل معاذ الكساسبة.
بداية
كان حينها يحدثني عن موضوع شخصي كنت قد طلبته منه و هو عبارة عن اغراض يجلبها لي معه خلال إجازته المقبلة التي لم تأتِ.
اثناء الحديث لاحظت أنه غير مرتاح خلال الحديث و استفسرت منه عن سبب عدم إرتياحه فحدثني بقلب الاخ أنه تكلف بمهمة غريبة عليه قليلا و لا اخفي أنه كان لحظتها في حالة من الريبة و حتى أنه استعجل بإنهاء المكالمة لأن هاتفاً جاءه من قائده لكي يعطيه تعليمات لم أعرف ماهيتها لحظتها لكنه قال سأعود اكلمك و لكنه لم يعد الى الان.
لا أنكر على نفسي و لا على من يسمعني انني قد تسللت الرهبة و الخوف و الارتياب مما سمعته من الشهيد و قد لاحظ ذلك من كنت في ضيافتهم عند عودتي الجلسة رغم أنني غادرتهم عند الحديث مع الشهيد.
امضينا ليلتنا و لم يعد للحديث معي و لكنه كان قد تحدث مع إحدى اخواته البنات و التي تحتفظ بحديثه الى الان.
كان من ضمن حديثه لي تلك الليلة أنه سيخرج بمهمة فجر الغد بمرافقة أحد زملائه و أنه سيكون القائد و غير ذلك مما لا ارغب ذكره و انطلقنا الى الدوام في الصباح و يشهد الله اني لم أكن مرتاح لكن لم يخطر ببالي و لو للحظة انني سوف اسمع خبرا بعد أقل من ساعتين يهتز له العالم، و بدأت الاخبار بالتوارد و كنت انا انتظر سماع اسم معاذ و لكني لا اريد ذلك رغم اني اعلم علم اليقين أنه هو من كان في هذه المهمة و هو أخبرني بذلك و لكن قلت لربما أنه ليس هو و لا أنكر أنني كأخ لا اتمنى لأي اخ أن يتلقى ضربة على الرأس كضربتي بمعاذ لذلك لم اكن أريد سماع الاسم رغم انني اعلم انه هو و نزلت الصاعقة على أذنيّ و اصابني انهيار كامل و لا اريد أن اعيد الأحداث لاني ذكرت كثيرا حولها.
قبل ايام كنت برفقة ابنتي ميرا في السيارة و هي تطلب أن تستمع إلى الفيديو و تلعب بالهاتف شأنها شأن كل الاطفال و قبل أن اعطيها اسمعتها قصائد قيلت في عمها البطل الشهيد و الله كانت صامتة تماما و هي تستمع دون أن تعترض و هي الطفلة التي لا يستهويها الشعر على وجه التأكيد بينما أنا ذرفت بعض الدموع و عندما انتبهت لي و هي تجلس بحجري و انا أقود السيارة حتى داخل شوارع عمان فقالت لي:
بابا ليش بتعيط انت زلمة ما بصير فوجدت أن الطفلة اقوى شكيمة مني في حضرتك يا معاذ الكساسبة ف والله لو ذرفت دموعا بقدرك لنشف ماء جسدي و لم اوفيك حقك كيف لا و انت صاحب المواقف و صاحب الشومات.
الحديث كثير يا بطل و لكني اجزع من الوقوف في حضرتك كثيرا.
معاذ يا منية الابطال في اليوم العظيم، هذا أحد الابيات التي قيلت فيك في بيت مدربك في الطيران رحمك الله يا صديقي.