جنرالٌ صهيوني: لأوّل مرّةٍ منذ حرب الخليج 1991 تُغلَق الدولة كامِلاً بسبب مُواجهة غزّة

سواليف
لا يُخفي قادة إسرائيل بأنّ الجبهة الداخليّة في الدولة العبريّة ليست حاضرةً أوْ جاهزةً للحرب القادِمة، وعلى الرغم من رصد الميزانيات للبدء في هذا المشروع المُكلِف، إلّا أنّ السلطات في تل أبيب لأسبابٍ عديدةٍ لم تقُم بهذا الإجراء الذي يهدِف لحماية المُواطنين في حال نشوب حربٍ.
وفي هذا السياق، قال الجنرال الإسرائيليّ مئير ألران، رئيس قسم حماية الجبهة الداخليّة في معهد الأمن القومي التابِع لجامعة تل أبيب، قال إنّ القرار الإسرائيلي بإغلاق كلّ الدولة العبريّة في أثناء المُواجهة الأخيرة مع غزّة، وتحديدًا مع حركة (الجهاد الإسلاميّ)، ليست قرارًا سليمًا، وليست حلاً للمشكلة الأمنية، لأنّه بسبب منظمة صغيرة مثل (الجهاد الإسلامي) اضطر كيان الاحتلال الإسرائيلي لأنْ يُصاب بالشلل، فماذا سنعمل في مواجهة مستقبلية في حال انضمام حماس وحزب الله، تساءل الجنرال في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
وتابع ألران في مقاله قائلاً إنّ هناك خططًا لدى قيادة الجبهة الداخلية، لكنّها ليست قابلة للتنفيذ على الأرض، فقد توفرّت تقديرات عسكرية لدى الجيش الإسرائيليّ مفادها أنّ ذلك التنظيم، أيْ الجهاد الإسلاميّ) بعد اغتيال قائده العسكري في غزة، الشهيد بهاء أبو العطا، سيقوم بإطلاق قذائف صاروخية باتجاه العمق الإسرائيليّ، بما فيها منطقة غوش دان، أيْ مركز الدولة العبريّة، ومدينة وتل أبيب، على حدّ قوله.
بالإضافة إلى ذلك، أكّد مساعد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، والذي شارك في مفاوضات السلام مع مصر والأردن، أكّد على أنّ التقديرات تحققت خلال يومي المواجهة بإطلاق 450 قذيفة صاروخية، مع أنّ الخسائر متواضعة، بسبب عدة عوامل متزامنة، كالنجاح اللافت لمنظومة (القبة الحديدية)، وملاحقة الخلايا المسلحة التي كانت تطلق الصواريخ في أنحاء غزة، والإنذارات المتلاحقة لقيادة الجبهة الداخلية، سواء بصفارات الإنذار أو التعليمات الميدانية، طبقًا لأقواله.
عُلاوة على ما ذُكر آنفًا، أوضح الجنرال الإسرائيليّ أننّا خضنا هذه المواجهة أمام تنظيم تقل كثيرًا قدراته الصاروخية عمّا تحوزه حماس من إمكانيات قتالية كبيرة، وبالتأكيد لا مقارنة بينه وبين حزب الله، وهما التنظيمان اللذان يُشكلان تهديدًا على الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، ورغم عدم انضمامهما لهذه المواجهة، لكن الدولة العبريّة أعلنت الشلل التّام للمرة الأولى منذ حرب الخليج الأولى في 1991، كما قال.
ولفت في سياق مقاله التحليليّ وهو الذي تقلّد عددًا من المناصب في الجيش الإسرائيليّ، منها على سبيل الذكر لا الحصر، كنائب قائد كلية الدفاع، ومرشدًا في العديد من الوزارات، ومجلس الأمن القوميّ، لفت إلى أنّ إغلاق إسرائيل شمل حظر فتح المدارس التي تضم مليون تلميذ، وثمانين ألف من العاملين، ومنع خروج الموظفين غير الأساسيين للعمل، وبعد عدة ساعات تم التراجع عن هذه التعليمات الخارقة، لكن وسط إسرائيل بقي معطلاً طوال اليوم، حتى بلغت خسائر الاقتصاد الإسرائيلي قرابة مليار شيكل، وفق قوله.
وساق قائلاً إنّ هذه السياسة المبالغ فيها بتوفير الحماية للإسرائيليين عنوانها عدم تحمّل أيّ مخاطرة بحياتهم، لكن ذلك يطرح على دوائر صنع القرار الإسرائيليّ جملة تساؤلات: هل أنّ هذه التعليمات التي حولّت شوارع تل أبيب إلى مناطق فارغة من السكان، لا تمنح العدوّ في غزة صورة انتصار يبحث عنها، وهل من الناحية التوعوية نجح الفلسطينيون بإيصال صانع القرار الإسرائيلي لوضع يُقِّر فيه بالخشية من وقوع خسائر؟، تساءل.
كما أشار إلى أنّ السؤال الثالث يتعلّق بالمواجهة العسكرية المتوقعة القادمة، حيث إنّ القيادة السياسيّة والعسكريّة الإسرائيلية مدعوة لمحاكاة التعامل مع مواجهة مفترضة مع حزب الله أوْ حماس، أوْ معهما معًا في الوقت ذاته، لأننّا سنكون في هذه الحالة أمام مواجهة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، سواء من جهة الهجمات على الجبهة الداخلية، أوْ البنى التحتية الحيوية في إسرائيل، أوْ استهداف مراكز التجمعات السكانية، وفقًا لتعبيره.
واعترف الجنرال أننا سنكون أمام خسائر إسرائيلية غير مسبوقة، وسقوط قتلى وجرحى غير مسبوقين، تشمل مئات القتلى، وفي هذه الحالة ما الذي ستتوقعه إسرائيل؟ هل ستقرر إغلاق كل شوارعها ومرافقها الاقتصادية بقرار من رئيس الوزراء طوال أسابيع متواصلة، مع أنّ المواجهة الأخيرة مع حماس في الجرف الصامد في صيف 2014 استمرت 51 يومًا بالتمام والكمال، على حدّ قوله.
وأوضح الجنرال أنّ التقديرات الأولية للمواجهة الواسعة القادمة تتحدث عن سقوط قتلى وجرحى إسرائيليين، وفي حال وصول كلفة الخسائر الاقتصادية 17 مليار شيكل في الأسبوع، فهل سنقول حينها إنّ الجبهة الداخلية الإسرائيلية مهيأة لمثل هذه المواجهة بنسبة معقولة؟ الإجابة هي سلبية، وخلُص إلى القول إنّ المُواجهة الأخيرة ضدّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) شكلّت شهادةً إضافيّةً على أننّا غير مستعدين للمخاطرة المستقبلية، لأنّ المواجهة القادمة ستشمل إلزام الإسرائيليين بعدم مغادرة بيوتهم، وإغلاق المؤسسات التعليمية، وإلغاء عمل المرافق التجارية، وكل ذلك يتطلّب عدم المغامرة بمصير الإسرائيليين، كما أكّد.

المصدر
رأي اليوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى