جغرافيا الحُزن..

#جغرافيا_الحزن..

#أحمد_حسن_الزعبي

#خاص_سواليف
• مقال الخميس 17-7-2025

بعد أن نظر اليّ طويلاً ، متأملاً شعري المموّج كحقل من القطن ، ووزني الذي تضاءل كثيراً ، و #شرود_الذهن الذي ظل يلازمني طوال الجلسة رغم محاولاتي الجادّة الإنصات إلى كلامه ، نظر إلى شفتيّ الجافّتين وهي تجرحهما #ابتسامة_مبتسرة.. سألني: هل أنت بخير؟؟ … قلت له :أنا لست بخير يا صديقي..
لا عليك مني ، أنا #قبضة_تراب من هذه #الصحراء ، أنا حجرٌ ملقى يتابع المارة ويستقبل #الفصول ولا يغير شكله أو مكانه ، أنا #جغرافيا_الحزن ما دامت #عين_عربية تذرف دمعاً على فقد..
أنا لست بخير يا صديقي ..لكنني أعدك أنني سأكون بخير..عندما تتعافى #غزة ساتعافى ، وعندما تنطفىء #حرائق_سوريا يبرُد قلبي، وعندما ترتدي بيروت طرحتها سأفرح ..وعندما يرتدي #الليبيون نظّارة عمر المختار يستقرّ بصري..وعندما يستردّ #العراق لهجته ، أستعيد صوتي..وعندما لا يسأل راعي الإبل في #السودان عن انتمائه الفصائلي ،أستعيد لوني..وعندما ترتشف #اليمن #رشفة_أمان من سدّ مأرب أرتوي..
أنا لا أدّعي كل ما سبق، أنا أعنيه حرفياً،أنا أعيشه حرفياً، كنت أتمنى أن أكون أنانياً نفعيا لا مبالياً لعشت في أحسن حال ، وانت تعرف أنّ لي قلباً رقيقاً لا يقوى على كل العذابات ، يبكيني صوت طفل يبكي ، ويقتلني يتٌم يشبهني ، والجوع وجع يؤلمني ، تعرف أنني أرى الغيمة بشكل مختلف ،والأوطان بشكل مختلف ،والمقاهي بشكل مختلف ،والشبابيك بشكل مختلف، وأسمع صوت المطر بشكل مختلف ،وتعرف أن قلبي كل ليلة على وطني يرتجف ، أتفقّده كما أتفقد ملامح طفلي الصغير خوفاً عليه من جرح أو خدش أو ندبة ..

تعرف يا صديقي أنني منذ الطفولة كنت أسمع عبر الراديو القديم أخبار فلسطين..وأشتم ريح سوريا..وأسمع نايات دجلة من الرمثا…إن أوجاع المدن يا صديقي ،تحوّلت في جسدي الى أمراض مزمنة..كل مدينة مشت جنازير الدبابات على أرضها أورثت في جسدي علّة ..فتحوّلتُ رغماً عني إلى #وطنِ_موجوع ، وإلى جغرافيا حزن متنقلة..لذلك قلت لك يا صديقي : عندما تتعافى غزة أتعافى ، وعندما تنطفىء حرائق سوريا يبرُد قلبي .. وعندما يستردّ العراق لهجته ، أستعيد صوتي..
سأورُق من جديد..إن شممت رائحة النعناع قد عادت للأكواب ، وسمعتُ الريح صفير عاشقٍ يتتسلل من شقّ الباب ، وسأنتشي ..ان عمرت مقاهي العرب ليلا بسيل من ضحكات..وسأنبتُ من جديد ان سمعت صباحاً صوت فيروز يتدلّى من الشرفات..

Ahmed.h.alzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى