جريمتا الزرقاء والكرك تطور خطير في السلوك الجرمي اردنياً..رؤية تحليلية

جريمتا الزرقاء والكرك تطور خطير في السلوك الجرمي اردنياً..رؤية تحليلية
ا.د حسين محادين

ببساطة، يهتم علم الجريمة في دراسة وتحليل مسيرة الشخص المجرم/ة على مدار ثلاثة مراحل متكاملة، تبداء علميا منذ مرحلة طفولة المجرم/ة، بما في ذلك طبيعة الخبرات المنحرفة التي اكتسبها من بيئته الاسرية ابتداءً ، كما يُعنى ايضا بمتابعة كل مراحل النمو اللاحقة لسلوكه الجرمي ،بما في ذلك فترة مكوثه في مراكز الاصلاح قضاءً للعقوبة القانونية المفروضة عليه، ومدى فعالية ونجاعة البرامج التدريبية والتاهيلية التي يتلقاها المجرم/ة في هذه المراكز او ذاك، بهدف تعديل او اطفاء السلوك المنحرف لدى النزيل”السجين” كي لا يعود مجددا لارتكاب الجرائم ،اي ما يُعرف علميا ب “العُود” الى ارتكاب الجريمة وبالتالي الى مراكز الاصلاح ثانية او حتى عاشرة، إذ تشير الاحصاءات الرسمية ان نسبة جرائم العود في الاردن تزيد على 30% وهي مرتفعة جدا، وستبقى مهددة لأمن الانسان في مجتمعنا الآخذ في التغير بسرعة لافتة، ما يستلزم ضرورة القيام بتوفير الدعم المادي واللوجستي لانجاح حملة علمية وطنية لتعديل برامج الوقاية والاصلاح والتاهيل اللاحق لمرتكبي الجرائم من قبل اصحاب الاختصاصات الدقيقة في تصميم وتنفيذ مثل هذه البرامج التأهلية الملحة بالتعاون التام مع مديرية الاصلاح والتاهيل في مديرية الامن العام.
اما المرحلة الثالثة تلتي يدرسها هذا العلم فهي ضرورة تهيئة المجرم الى صدمة الافراج تمهيدا لتهئته للخروج من مراكز التاهيل الى السعي المبرمج مسبقا لاعادة دمج المجرم في مجتمعه مجددا، عبر توفير القبول الاولي له من قبل افراد أسرته بسبب الوصمة الاجتماعية التي لحقت به وبأسرته جراء ارتكابه لجريمته وانقضاء محكوميته على هذه الجريمة او تلك. ومن ثم ضرورة ايجاد عمل شريف ومعقول له..الخ. واستنادا لاطروحات هذا العلم يمكن رصد وتحليل بنية وملاح التغير في نمط وادوات الجريمتين التاليتن في مجتمعنا الاردني وهما:-
1 – جريمة الزرقاء التي نفذت بحجة الثأر عبر قيام مجموعة من المجرمين- قطع ذراعي الشاب وفقء احدى عينيه- وليس فردا واحدا كما اعترف الشاب الضحية،
واستخدام المجرمين الى سيارة وباص معا في تنفيذ جريمتهم الشنعاء، علما ان المستهدف من قبلهم كان شابا يافعا فقط ،وليس مجموعة اشخاص قد يستلزم وجود عدد من المجرمين واكثر من وسيلة نقل مثلا لقيامهم بهذه الفعلة الدنيئة والمجرمة خُلقا وقانون..ونلاحظ ان التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة ليس مألوفا من قبل في ذاكرة ومسيرة الافعال الجرمية لدى الاردنيين العاديين، اي من غير رجال الامن الاجهزة الامنية الاشاوس حقاً وبمختلف تشكيلاتهم.
2- جريمة اعتداء عامل وافد على احد ابناء الكرك نتيجة خلاف بينهما وقيام المجرم بتصوير ضحيته عبر فيديو وبثه هذا من جهة، ومن جهة ثانية قيام مجموعة من الافراد في الشهر الماضي بالاعتداء ثأرا للمواطن الاردني من العامل الوافد نفسه، وتصويره عبر فيديو قاموا ببثه الأمر الذي ساعد على القاء القبض على الفاعليين من قِبل الاجهزة الامنية التي نعتز بها بالتأكيد.
* ملامح التطور والتشابه في بنية ومظاهر السلوك الجرمي للجريمتين رغم اختلاف اماكن وقوعهما”الزرقاء،
الكرك” هو:-
أ- تطور الفعل الجرمي المُرتكب في الجريمتين من حدود المجرم الفرد كما اعتادنا عليه في مجتمعنا الاردني غالبا باستثناء المشاجرات الجماعية المعروفة ،الى ظهور المجرمين المجاميع فكرا وتنفيذا للجريمتين.
ب- ان الدافع/ الحجة البائسة المتداولة في تبرير المجرمين لفعلتهما معا هو الثأر من فرد واحد في كلا الجريمتين للاسف في حين ان تنفيذ الجريمتين كان جماعيا وهذا تحول خطير يجب دراسته بعلمية ونظرة امنية متخصصة للوقاية المستقبلية كي لا يتكرر .
– ان التوظيف المنحرف واللاخلاقي للتكنولوجيا قد تجلى مثلا في “تصوير وبث فيديوهات الجريمتين فكان الاشهار عبر الفضاء مشتركا بينهما وهذا لافت أخر في تغير طرق الاعلام وبث الرهاب الاجتماعي لدى المتلقين من المشاهدين بعد اقتراف كلا الجريمتين يت للوجع” ما يعني ايضا، وجود دافع الترصد وسبق الإصرار المسبق لدى المجرمين قبيل اقترافهم جريمتيهما بدم بارد وبهدوء الى حد التلذذ القصدي في تعذيب الضحايا و تصويرهم بتأنِ، ونشر الفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الامر الذي يعني ان هناك ارتفاعا مخيفا في منسوب العدوانية الغرائزية لدى المجرمين في الحاليتن ،وبالتالي لم تُعد مثل هذه السلوكات الجرمية بحدود فرد بمفرده،وانما انتقلت الى ما يُشبه التنظيم والجرائم المنظمة، وهذا ما لانتمناه لمجتمعنا واهلنا الطيبون فيه..
وحمى الله اردننا الحبيب أمنا مطمئنا يارب العالمين..ومعا لدعم اجهزتنا الامنية المختلفة حفاظا على سوية حياتنا نحن وكل المقيمين في بلدنا الاغر.

*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة،
* عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى