جماعة النص كم !! / د. محمد يوسف المومني

جماعة النص كم !!

وما ادراك من هم ؟ وماذا عملوا ؟ وماذا خططوا وماذا نفذوا ؟ حينما تستمع اليهم :
هم البنّاؤون ، وهم العارفون الذين لا يشق لهم غبار ! وهم اصحاب النظريات .. وهم الصادقون (وبدون قَسَم !).. وهم الذين قالوا وقلنا وقيل لنا !! لكن ، لم يؤخذ بكلامهم ! وهم الذين خططوا ، ورسموا وعالجوا! وهم اصحاب البدلات والقرفتات والقرعات.. ! صيفاً وشتاءً !
لتعلم أخيراً وتكتشف .. انهم فقط من سحجوا ودبكوا على ايقاع (نموت ويحيا الوطن ) !!!
هؤلاء السحاجون ، صاروا يقيّمون الأعمال !! ولهم القول الفصل ! وباستشارتهم تسير الامور !! وهم في الصدارة .. ولهم الوجاهة ..
كيف لا ؟ وتقييم الاعمال ترجع اليهم ؟ وأي اعمال ؟؟ ما يخطر او ما لا يخطر على بالك : بناء ، تجارة ، شعر ، مسرح ، معلبات ، آيس كريم ، كتاب أدبي ، مهرجان ثقافي ، نجارة ، كهرباء ، منسف ، مشاوي ، غناء ، أصوات ، ملوخية ، محاشي ، قصائد ، كباب ، اوبريت ، كرشات وروس ، صحافة وإذاعة ، عصير طازج بأنواعه .. كل شيء وأي شيء !! تجدهم في كل اللجان ! وفي كل مكان ..
حتى وإن كانوا لا يعرفون الكتابة .. لكنهم يكتبون ( والشهادة لله ) !!
لا يعرف الحديث .. لا متى يبدأ ولماذا ؟ أو أي موضوع .. لكنه يتحدث ! واحياناً بلا انقطاع وبلا معنى ! ليثبت لنفسه فقط انه تحدث !
هو لا يعرف شيئاً .. لكنه متمسك برأيه ويصرّ عليه ! وبإمكانه شتمك إن اقتضى الأمر .. فهو متمسك حدّ الممات بغبائه !!
هو لم يقرأ كتاباً واحداً في حياته .. مكروه منبوذ اجتماعياً لكنه استطاع (وبقدرة قادر) أن يترأس مجموعة من الاف المثقفين !!
هو لا يفي بوعده ، ولا يلتزم بكلمته ، يتحالف معك اليوم .. لينقلب ضدك غداً ! لا يحترم موقفه ويغدر بأقرب الناس اليه .. متقلب الرأي كل ثلاث ساعات ! .. فتراه ابداً كالقرد متنقلاً هنا وهناك ! لا تعرف له مستقراً ابداً .. مع من ؟؟ الله اعلم !
هو لا يعرف فن الالقاء ، لا يعرف فن الحوار ، لا يعرف مواصفات المذيع .. لكنه ببركات (نموت ويحيا الوطن) صار مذيعا !!!
هو لا يقرأ شعراً ولا يعرف الشعراء .. يسرق كلمات القصائد من هنا وهناك .. يضعها في جوف جمجمته .. ثم يعطيها لبعض الاصدقاء بحجة (برحمة ابوك رتبها الي !!) ..
ليخرج علينا بـ( قصيدة!!!) مذيلة باسمه !! وضاعت السرقة بين الفوضى !!
هو متخاصم مع نفسه وأهله ، منبوذ اجتماعيا (وجهه طارد للنعمةِ) ، ان حضر لا يعد وإن غاب لا يفتقد ، لكنه يعمل لسنين طويلة ببركات (نموت ويحيا الوطن) مصلِحاُ اجتماعياً!! .. فازدادت نسبة الطلاقات واتسعت دائرة الخلافات بجهوده الفذة !!
وما أن تهدأ من التفكير ، وتراجع نفسك في ساعات الليل .. حتى تكتشف ان في هذه الجمهرة : شاعر لا يعرف الشعر ، وأديب لا يعرف الكتابة ، ورئيس بلا رأس ، وقائد بلا رأي ! ومغنّي بلا صوت ، ورئيس (لـجـنـة) تافه صعلوك ، ولجان كأنهم أحجار الشطرنج .. وتكاد تجزم ان هناك اصابع خفية تحركهم وتضعهم في المربع المطلوب تماماً !!
أمــــا نــحـــن ….
مـن نـحـن ؟؟ حينما نختلي مع بعضنا ، نتحدث همساً .. نعرف انهم دجالين ونشتمهم .. لكننا نتبعهم ونسير خلفهم ونقبّل اياديهم تبركاً !
ونعرف تماماً ، انهم كذابون ونشتمهم .. لكننا وبمحض ارادتنا نصدقهم ونردد كالببغاوات أقوالهم ! ونتناقلها ونلوكها صباحا ومساءً بكل فخر !
ونحن نعلم علم اليقين ، انهم متلونون متقلبون رداحون وفي كل عزاءٍ لاطمون ! لكننا نؤيدهم .. نمسح على اكتافهم ، نصغي اليهم بانتباهٍ .. نوميء ايجاباً لثرثرتهم مع ابتسامةٍ بلهاءٍ عريضة ترتسمُ على وجوهنا !!
نقرّبهم ، ونبعـد الجيدين ، نجعلهم قادتنا ونسبّ ونشتمُ المفكرين والمخلصين ، نستهزئ ونحط من قدر كل حريص وغيور ونزيه ، ونمجّد ونسحج للمنافق والخائن وبائع الضمير والفارغ والكاذب!
مـازلـنـا نـجـمّـل قـبـحـهـم .. مـازلـنـا نـخـاف ونـرتـعـب مـن قـول الـحـقـيـقـة !
والآن …..
هذه الساحة امامكم .. وشاهدوا افرازات (نموت ويحيا الوطن) وما يعبثون ! وبأي مقدرات يتحكمون ؟ وبماذا يتمرغون ؟؟ وأين يردحون !! وماذا يخططون ؟ وأين انتم سائرون ؟؟؟
السؤال المهم : متى نعالج انفسنا من هذا المرض اللعين ؟ مرض المداهنة ومسح الاكتاف ؟ متى نصلح منظومتنا الاخلاقية ونعيد القيم الاصيلة ؟ متى نبتعد عن التافه والمراوغ ولا نصدق الكاذب والمنافق ؟
نحتاج لشحذ الهمم ونبتعد عن كيل المديح للفارغ وتمجيد المنافق .. وتجميل القبيح .. نحتاج الى مراجعة الذات اولا ، وتشخيص الحالات السلبية لننهض من جديد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى