ثورة شعبية عراقية لإسقاط العملية السياسية
مهند أبو فلاح
دخلت الثورة الشعبية في العراق التي انطلقت في مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي شهرها الخامس مع بداية شهر شباط / فبراير الحالي و ما زال زخمها في تصاعد رغم كل المحاولات التي قام بها أعداؤها الألداء القضاء عليها أو إضعافها على الأقل على مدار اكثر من مائة و عشرين يوما .
الانتفاضة الوطنية التي تميزت بطابعها المدني السلمي و التنظيم العالي المستوى ناهيك عن انخراط كافة شرائح المجتمع العراقي من مختلف الطبقات و المستويات الثقافية فيها ناهيك عن الروح الشبابية العالية المستوى التي ضخت الدماء في عروقها اربكت حسابات جميع الأطراف المنخرطة في العملية السياسية القائمة في بلاد الرافدين منذ الغزو و الاحتلال الإنجلو – أمريكي لها في شهر نيسان / أبريل من العام ٢٠٠٣ .
أطراف العملية السياسية الحاكمة في بغداد من تلك الاحزاب الدينية الطائفية الموالية بالمجمل لنظام ولاية الفقيه في طهران أصيبت بالذهول و الذعر من الاستجابة الجماهيرية الواسعة النطاق للشارع العراقي مع هذه الثورة و إصرار الفئات الشبابية المنخرطة فيها على تحقيق مطالبهم بإقامة دولة مدنية تحقق العدالة الاجتماعية و تنتشل البلاد و العباد من مستنقع موحل عاشت في دوامته منذ سبعة عشر عاما .
استخدام سياسة العصا و الجزرة و الترغيب و الترهيب في التعامل مع الطلائع الثورية القائدة لهذا الحراك الشعبي لم تفلح في ثني المنتفضين عن مواصلة مسيرتهم لإسقاط العملية السياسية برمتها و وضع حدٍ نهائي لمعاناة العراقيين من تسلط القوى الموالية لملالي ايران على مقاليد الأمور و زمامها في هذا القطر العربي الأصيل ، و باءت حملات التصفية و الاغتيالات و القمع و الاعتقال للنشطاء الثوريين بالفشل الذريع في كبح جماح الثورة و لجمها على نحو لم يعد لدى المناهضين لها من خيار سوى اللجوء إلى أحد أبرز الزعماء الشعبويين هناك لاختراقها الا و هو مقتدى الصدر زعيم ما يعرف بالتيار الصدري الذي ألقى بكامل ثقله في هذا المجال محاولا خلط الاوراق و الإيحاء بأن ما يجري ليس أكثر من صراع على النفوذ بين أمريكا و ايران خاصة في أعقاب اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني و إجبار الشارع العراقي على الانكفاء و الاكتفاء بلعب دور المتابع المراقب لما يجري فوق أرضه ليس الا .
إنّ اغتيال سليماني و نزول أنصار الصدر إلى الشارع في مسيرات استعراضية حاشدة كل ذلك لم يجدي نفعا في إيقاف عجلة الثورة المتصاعدة فما كان من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق حاليا الان أن القت بآخر اوراقها في محاولة للالتفاف على مطالب الجماهير و تكليف محمد توفيق علاوي وزير المواصلات الأسبق بتولي منصب رئيس الوزراء بالتزامن مع زج مقتدى الصدر بأنصاره من ذوي القبعات الزرقاء في وسط الجماهير المنتفضة لفض اعتصاماتهم و تجمعاتهم بأستخدام القوة المفرطة على امل ان يفضي ذلك إلى تلاشي الثوار و انفراط عقدهم لكن الوقائع على الارض اثبتت علو كعب الثوار و صلابتهم و اصرارهم على المضي قدما في ثورتهم حتى تخليص العراق مما يعانيه على يد هؤلاء الساسة و أن جميع المؤشرات تدل على أن مسيرة الثورة الشعبية في العراق إلى مزيد من التصاعد حتى تحقيق أهدافها في بناء وطن حر سعيد خال من الفساد لا مكان فيه للظلم و القهر .