ثقافة كتابة الرسائل في ستينات وسبعينات القرن الماضي / نبيل عماري

ثقافة كتابة الرسائل في ستينات وسبعينات القرن الماضي
كانت الرسائل والبريد توأمان وكانت الرسائل الورقية تتبادل بواسطة البريد وأغلب الرسائل من طلاب يدرسون بالخارج يشرحون بها عن أوضاعهم وعلاماتهم تبدأ بتحية طيبة وبعد وكلمات وانتم ترفلون بوافر من الصحة والسعادة وشرح عن الواقع المالي والدراسي والحنو للوطن والبلد ورائحة طبخ الوالدة ترسل الرسالة بالبريد الجوي مكتوب عليها العنوان بالعربي اذا كانت قادمة للأردن وأذا كانت خارجة من الأردن يكتب على المغلف الخارجي بلغة البلد ك اللغة الأنجليزية أو اليونانية والفرنسية ويتم نقل الحروف نقلاً وكان ساعي البريد او موظف البريد يدور على البيوت لإيصال المكاتيب او يصل المكتوب مكان عمل الشخص المرسل له الرسالة والتراث الغنائي العربي ممتلىْ بأغاني المكاتيب والرسايل ابتدأ من أغنية .
«البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي، وعيني لما بكوا دابت مناديلي» لرجاء عبده، وأغنية فهد بلان شق البحر للمسافر يا مكتوب وفيروز كتبنا وما كتبنا . ولا تردين الرسايل ويش أسوي بالورق وكذلك أغنية وديع الصافي يا مرسال يا إلي وجهتك صوب الشمال وخلصوا وراق الرسايل وبعدك ما جيت وغيرها من الأغاني . وكان ساعي البريد يحصل على الهدايا والإكراميات أذا كان الخبر مفرح وكانت الرسائل زمان تكتب بجودة لغوية وحبر أزرق وأسود وقلم باركر وحتى جمال المغلف وعليه طابع يهتم به جامع الطوابع بعد قرأة الرسالة .
أم الرسائل التي ليست بحاجة لمكتب بريد أو طابع هي التي يكتبها المحبون والعشاق يقضون الساعات في المكتبات بحثا عن ورق مزين بالورود والفراشات لينقشوا عليها آهاتهم ولوعتهم للحبيبة، فإذا ما وجدوا ضالتهم انتقلوا للبحث عن قلم جميل يزينون كلماتهم بأشعار من الحب العذري أو القباني ويصيغون كلمات قد تكون مسروقة من كتاب كان يباع بشلن يسمى كيفية كتابة رسائل الغرام وبعد محاولات مستميتة، وجد كلمات تناسب حبيبتة ويقول «وجدتها.. وجدتها» على نحو ما فعله عمنا أرخميدس. فكتب بخط أنيق على ورقة تزين زاويتين من زواياها ورود الحب الحمراء، وتزين الزاويتين الأخريين فراشتان ملونتان: أحبك فوق ما تتصورين.. وأعزك فوق ما تتصورين .. أحبك وأعزك فوق ما تتصورين عندي لك أشواق كتيرة .. عندي لك أحلام كتيرة يتصور حاله عبد الحليم وهو يخط رسالة غرام ويغنينها لا لا قلبي إلي بكتبلك هو إلي يبعثلك ويوقع أخر الرسالة حبيبك هكذا كان «الخط» في الزمن القديم، يقرب المسافات بين الأحبة، ويجسد على الورق ما في الفؤاد من وله وعشق، .يغلف الرسالة بمغلف أنيق يرش الرسالة بعطر يرميها للحبيبة عسى أن تلتقطها ولنرجع لكتابة الرسائل والتي تبدأ بالسلام للجميع وبالشرح عن الأحوال وكانت الأم هي التي تنصت بمحبة لما ما كتبه أبنها بين دموع فرح ودعاء بعودة ميمونة سالمة وتنتهي الرسالة بسلام خاص وعام خاص للأهل والأحبة وعامة للناس وكل من يسال عنا ولعموم الأقارب فردا فردا ويكتب أما من طرفنا فيبلغكم السلام كل من فلان وفلان ويختم الرسالة بالدعاء لله عزوجل بدوام الصحة والعافية ورؤية وجوهكم البشوشة . ولكن الأجمل هو وصول برقية تعلن نجاح فلان بالدراسة وأنهاء المواد التي عليه وانه سيعود لأرض الوطن سالماً غانماً وبذلك يكون حلوان ساعي او موظف البريد مضاعف وكانت الأذاعة الأردنية زمان تبث أغنية صباحية لدلال الشمالي تقول بها يا موظف البريد أبعثلي برقية وكثير من الأمهات ينتظرن فرح البريقات وقبل النهاية خطرت على بالي اغنية عراقية قديمة لعبد الجبار الدراجي يقول بها مكتوب مكتوب يانا وديلك شوق وتحيات والحبر دمعات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى