ثقافة أفقي وعمودي / يوسف غيشان

ثقافة أفقي وعمودي

تعرفون لعبة الكلمات المتقاطعة طبعا… فقد كانت تسليتنا الكتابية الوحيدة قبل السودوكو والعاب الكمبيوتر.
في معظم الكلمات المتقاطعة المنتشرة في أرجاء العالم العربي، تجد عبارات متشابهة تماما مثل:
– مادة قاتلة من حرفين .
– مخترع التلفون
– أديب عربي حاصل على جائزة نوبل.
– العندليب الأسمر
– يجري في العروق من حرفين
– كوكب الشرق
وغيرها من المعلومات التي يسأل عنها خلال الكلمات المتقاطعة مرة واحدة، ثم يشرع في الحل كأيّ عبقري، ولا يتوقف سوى عند بعض الكلمات، لا بل عند بضعة حروف منها فقط، لأن معظم أحرفها بانت، من خلال التقاطع مع كلمات أخرى تقليدية.
هكذا تنشأ عندنا ثقافة تقليدية مكرّرة روتينية ميكانيكية وغير مبدعة، لكنها تعطي الحلّال إحساسا وهميا بالمعرفة والثقة والنجاح، نتيجة حل الكلمات المتقاطعة بزمن قياسي … وهكذا يشعر الموظف الحكومي بالإنجاز والإشباع، ويشعر بأنه قد استحق أجره بكل جدارة، فيرتمي على الكرسي حتى نهاية الدوام ، لا شغلة ولا عملة، سوى النظر بين الفينة والأخرى بفخر أجوف إلى كلماته المتقاطعة المحلولة.
المشكلة أن ثقافتنا بشكل عام تشبه إلى حد بعيد، يصل إلى حد التطابق، الكلمات المتقاطعة، لذلك لا يحتاج المواطن العربي سوى إلى ما معدله 6 دقائق سنويا – وليس يوميا – من المطالعة، بينما في دول الغرب (ذوي الأصفر الممراض) يحتاج المسكين إلى 200 ساعة سنويا كمعدل … هذا بحسب دراسة عربية صدرت عن هيئة عربية نسيت اسمها.
أتمنى ان نتشارك معا في ثورة عارمة على ثقافة الكلمات المتقاطعة، لأننا بدون ثقافة متجددة ومبدعة غير ميكانيكية، بدون ذلك سنرجع إلى دائرة الكلمات المتقاطعة ذاتها، لنكرر اوهامنا في التفوق….حتى نختفي عن شاشة الفعل والحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى