” توظيف ناجح “
مهند أبو فلاح
التصعيد الجاري حاليا بين نظام الملالي الحاكم في طهران و الكيان الصهيوني على خلفية أزمة البرنامج النووي الإيراني ليس الاول من نوعه منذ الاطاحة بنظام الشاه في العام 1979و قيام ما عرفت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لكن ما يميز هذه الجولة من التصعيد تزامنها مع أزمة دولية لا تقل خطورة هي الحرب الروسية الأوكرانية و ما لفت الإنتباه هو وجود قاسم مشترك قوي بين كلتا الازمتين .
في الأزمة الإيرانية نجح الكيان الصهيوني إلى حد بعيد في توظيف ملف البرنامج النووي الإيراني للاندماج في منظومة أمنية إقليمية تحول بعض الأقطار العربية إلى خط دفاع أول عنه في مواجهة أي خطر محتمل بين قوسين ( وهمي ) مصدره نظام الملالي الحاكم في طهران ، بالمقابل فإن الولايات المتحدة الأمريكية حولت الدب الروسي من خلال الحرب الأوكرانية إلى ورقة ضغط رابحة على دول أوروبا الشرقية و البلطيق و اسكندنافيا لتوسعة حلف الناتو شمالا و شرقا .
لذلك فمن الطبيعي أن تنتاب الريبة و الشك العديد من مراقبي الأحداث و مجرياتها في المنطقة العربية إزاء ما يحدث هنا و هناك و أن تلقى النظريات حول وجود مؤامرات خفية تعقد من وراء الكواليس رواجا واسع النطاق بين أوساط الجماهير التي تجرعت مرارة النكسات لعقود طوال .
إن الخشية و الخوف يقض مضاجع كثير من عامة الناس من إمكانية أن تكون هذه الازمات المفتعلة المصطنعة من وجهة نظرهم مقدمة لفرض حلول تصفوية مجحفة للصراع العربي الصهيوني و القضية الفلسطينية على حساب حقوق هذه الأمة العربية التي تعاني الأمرين من تواطؤ أعدائها ضدها في كثير من المناسبات التاريخية و ما سايكس بيكو منا ببعيد و التي أبرمت خلال الحرب العالمية الأولى و ما زالت آثارها باقية إلى وقتنا الحاضر عبر واقع التجزئة الإقليمية البغيضة التي فتت الوطن العربي إلى دويلات تفتقر في أغلب الأحيان إلى مقومات الوجود و البقاء في عالم تحكمه شريعة الغاب و منطق القوة الظالمة الجائرة .