تنزانيا من الفساد والتخلف إلى التقدم والرفاه . . !

#تنزانيا من #الفساد و #التخلف إلى #التقدم و #الرفاه . . !
#موسى_العدوان
من الدول التي عانت من الفساد والتخلف الذي كان ينخر في مؤسساتها كسرطان خبيث، جمهورية تنزانيا الاتحادية، التي تقع في الوسط الشرقي لإفريقيا على شاطئ المحيط الهندي، بمساحة 945 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكان يبلغ حوالي 38 مليون نسمة.
ولخروجها من مستنقع الفساد والتخلف، قيّض الله لها رئيسا مصلحا أنقذها من هذا البلاء الذي كانت تغوص به. ففي شهر أكتوبر عام 2015 انتخب الشعب حامل شهادة الكيمياء جون ماغوفولي رئيسا للبلاد. وعند توليه الحكم كان يعرف أن (آفة الفساد)، هي العقبة الكبيرة التي تنهش في مختلف مفاصل الدولة، وتقف أمام تقدم البلاد ونهضتها. فقرر مواجهة هذه العقبة بحزم وجرأة، بادئا حملته الواسعة بالإجراءات التالية:

أقال عدة مسؤولين بارزين من بينهم رئيس جهاز مكافحة الفساد، رئيس مصلحة الضرائب، مسؤول بارز في السكك الحديدية، ورئيس هيئة الموانئ.

أوقف الاحتفالات الرسمية في يوم الاستقلال لكي يوفر المصروفات على الدولة، وحول كلفتها المالية لمحاربة وباء الكوليرا، وألغى كافة مظاهر البذخ في البلاد.

خفّض عدد الوزراء في الحكومة من 30 وزيرا إلى 19 وزيرا، وطلب من جميع الوزراء الكشف عن أرصدتهم وممتلكاتهم، وهدد بمحاسبة أي وزير لا يكشف عن حساباته في الداخل والخارج، أو لا يوقّع على تعهد بالنزاهة.

منع جميع المسؤولين من السفر للخارج بغير ترخيص مباشر منه، حيث يجب على هؤلاء المسؤولين الاهتمام بقضايا المواطنين، وأوكل للسفراء في الخرج الاهتمام بالقضايا المتعلقة بالبلاد. كما منع المسؤولين في الحكومة من السفر بالدرجة الأولى في الطائرات في المهام الرسمية.

منع اللقاءات والندوات الحكومية التي تقام في الفنادق، واقتصرها على القاعات الرسمية في البلاد. وفي لقاء دول الكومنولث أرسل 4 مسؤولين فقط ليمثلوا البلاد، بدلا من 50 ممثلا كانوا مدرجين في الكشف وجاهزين للسفر.

في زيارة مفاجئة قام بها للمستشفى الرئيسي في الدولة، وجد المرضى يفترشون الأرض، ووجد أيضا الأجهزة الطبية معطلة. فعزل جميع المسؤولين في المستشفى، وأعطى مهلة إسبوعين للإدارة الجديدة للإصلاح، ولكن تم إصلاح كل شيء في خلال ثلاثة أيام فقط.

خفض ميزانية حفل افتتاح البرلمان الجديد من 100 ألف دولار إلى 7 آلاف دولار، وحول المبالغ المتبقية لتكملة نواقص المعدات الصحية بالمستشفى الرئيسي في البلاد.

أرسل رئيس الوزراء في تفتيش مفاجئ لميناء دار السلام، واكتشف وجود تجاوزات ضريبية واختلاسات بلغت 40 مليون دولار من العائدات، فأمر باعتقال رئيس الديوان في الحكومة مع خمسة من كبار مساعديه، وقدمهم للمحاكمة

أمر بجمع جميع عربات الدفع الرباعي ( 4 × 4 ) التابعة للدولة وباعها بالمزاد العلني، وعوضها بسيارات تويوتا صغيرة ( فيتز ).

شنّ حملة على المتهربين من دفع الضرائب، وجمع في شهر واحد 500 مليون دولار.

قيامه يوميا بزيارات مفاجئة للوزارات والمؤسسات الرسمية، وعقب كل زيارة يُقيل عددا من المسؤولين المقصّرين في أعمالهم ويحيلهم للمحكمة.

في شهر ابريل/ نيسان عام 2017 أمر بفصل نحو 10 آلاف موظف مدني، وذلك عقب الكشف عن شهادات مزورة، من خلال عملية تدقيق موسعة، تم إجراؤها في المؤسسات العامة. وكان قبل ذلك بأقل من عام قد فصل نحو 20 ألف مواطن، كانوا يتقاضون رواتب دون أن يقدموا شيئا في القطاع العام. فكانت الدولة تدفع 107 ملايين دولار سنويا كرواتب لموظفين وهميين.

شارك الرئيس التنزاني بنفسه مواطني بلده في حملة تنظيف شوارع مدينة دار السلام بدلا من حفل التنصيب الذي أعدّ له.

رفض رئيس الجمهورية طلب مؤيديه في تعديل الدستور، ليسمح بإعادة توليه الحكم فترة جديدة، ووعد بتسليم السلطة عند انتهاء مدة ولايته دون تجديد.
هذا هو جون ماغوفولي رئيس دولة افريقية تنتمي إلى دول العالم الثالث كانت تعاني من الفساد. فقد عرف قيمة شعبه وخفف من الأعباء التي تثقل كاهله، من خلال إصلاحات حقيقية اجتثت الفساد من بلاده. فقدم للعالم نموذجا حضاريا في النزاهة والحزم والإصلاح، دون أن يطلب من شعبه التسبيح بحمده، أو صناعته بطولات خيالية، تلمّعها وسائل الأعلام الكاذبة.
لقد آمن بأن شعبه يستحق الخدمة ولا يستحق فرض الضرائب الجائرة عليه، فقام بحملته الشرسة محاولا نقل بلاده من دولة فقيرة متخلفة إلى دولة عصرية متقدمة. ولهذا أطلقت عليه وسائل الإعلام المحلية والعالمية لقب ” البلدوزر “، لأنه اجتث الفساد وجرف المفسدين من مناصب الدولة، ومهّد طريق العمل لذوي العقول المتفتحة والأمناء على مصلحة الوطن، ثم غادر الدنيا في عام 2021 تاركا خلفه إرثا عظيما لبلاده تذكره الأجيال اللاحقة.
وفي هذا السياق . . فقد كتبت في وقت سابق مقالات عن قادة من جنوب شرق آسيا وإفريقيا، ممن حاربوا الفساد والترهل الإداري، ونهضوا ببلدانهم التي كانت تعاني الفقر والتخلف، إلى دول صناعية متقدمة تنافس الدول المتقدمة في اقتصادها خلال فترة قصيرة من الزمن، ومن بين أولئك القادة: مهاتير محمد في ماليزيا، هاياتو أكيدا في اليابان، دنج هسيا ونج في الصين، لي كوان يو في سنغافورة، والجنرال بارك في كوريا الجنوبية.
وهنا أنقل اليوم هذه التجربة النموذجية من أفريقيا، التي يضرب الفساد في معظم دولها، ولكن بعضها حاول الخلاص منه بنجاح، لعل مسؤولينا يصابون بالعدوى، ويأخذون العبرة والاقتداء بها بعد أن عبرنا إلى المئوية الثانية للدولة.
وأطلب من مسؤولينا أن لا يرهقوا أدمغتهم في رؤية العشر سنوات أو العشرين ستة القادمة، بل أطلب منهم أن يطّلعوا على تجارب تلك الدول، التي نجحت في مساعيها، وأن يطبقوا ما يروه مناسبا لنا، بعيدا عن خططهم الهلامية، التي لم تقدم شيئا مفيدا وملموسا للوطن والمواطن، بل أثقلت كاهله بأعباء جديدة مع كل مطلع شمس، وآخرها كان مشروعي رسوم الطرق العجيب، وزرع 5500 كاميرا عل الطرق بقصد الجباية.
في الختام . . أدعو الله تعالى أن يرزقنا بِ ( بلدوزر اقتصادي ) مماثل لبلدوزر تنزانيا السابق، لينقذنا من الأزمات الاقتصادية، والقحط في المشاريع المنتجة الذي نعيشه هذه الأيام . . !
التاريخ : 11 / 11 / 2025

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى