تمييز – ميس داغر

تمييز

مندوب المركز التدريبي الجالس أمام القيادية المتوحشة في الدفاع عن حقوق النساء يبدي اهتماماً مبالغاً فيه بمراعاة ملاحظاتها وتوجيهاتها. تتابع القيادية حديثها للمندوب بعد أن تشعل سيجارتها الثانية:
– أنت تعلم أنه ليس من المهمّ أن تُفضّل النساء هذا التدريب أو تكره ذاك التدريب، فوظيفتي أنا – كقيادية – تتطلب مني تحديد نوع التدريب الذي يحقق المصلحة العليا للنساء. وكما تعلم، فالقائد يمتلك البصيرة النافذة التي تجعله قادراً على تحديد متطلبات الأفراد ومصالحهم أكثر من الأفراد أنفسهم!
تشهق نفساً طويلاً من السيجارة وتنفثهُ وتتابع:
– بالنسبة لتدريب المهارات الإعلامية، لا أظن أنّ مجموعاتنا النسوية لديها القدرة على المضيّ في هكذا تدريب، فأنا أرى أنهن لا يمتلكن الجرأة الكافية وطلاقة اللسان والمهارات الكتابيّة التي تؤهلهن لاستيعاب هكذا تدريب، والتماشي معه!
أما بالنسبة لتدريب اللغات، فسنرى. من الممكن أن نعتمد مجموعة دروس في اللغة الانجليزية، مع أنني لا أعوّل على هذه الدروس كثيراً، فللنساء في مجتمعنا قدرات…أنت تعرف… أعني قدرات متدنية في هذا المجال.
تصبح لدى مندوب مركز التدريب صورة أكثر تركيزاً عما تطلبه القيادية، فيحاول إثبات استيعابه لوجهة نظرها:
– إذن سيدتي، بما أنّ النساء لديهن قدرات متدنية في مجالات التدريب الذهنية، ولا يمتلكن المهارات الشخصية اللازمة لتدريبات التنمية البشرية، إذن دعينا ننسق لهن تدريبات في الأشغال اليدوية.. فـ
وقبل أن يكمل المندوب حديثه، يرتجّ المقعد به من هول الصرخة المدوية التي تنفذها القيادية في وجهه:
– !Ooooh, My God لا أستطيع إلى الآن تفسير هذه المشاعر الفوقية والتمييز الذكوري التي تتقد بها قلوبكم يا معشر الرجال تجاه النساء! من قال إنّ النساء أقلّ منكم مقدرة في تعلّم أية مهارة من مهارات الشخصية والذكاء؟ أوف.. أوف.. يا للهول!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى