تقرير استراتيجي أردني .. سيناريو الصيف اللاهب المقبلة عليه المنطقة

سواليف
كشف الخبير الاستراتيجي الاردني الدكتور ربحي حلوم عن رؤيته لما اسماه “ سيناريو الصيف اللاهب الذي تقبل عليه المنطقة” في مئوية “سايكس بيكو”، إذ تمهّد المئوية لخارطة شرق أوسط جديد قسّمته أميركا وروسيا.
وقال حلوم في تقريره الاستراتيجي الذي “رأي اليوم” على نسخة منه، ان القوتين العظمتين قررتا التعتيم على القضية الفلسطينية ومحاولة الالتفاف على الانتفاضة الفلسطينية البطولية القائمة وَتَرْكها في الظل عبر التعتيم عليها بعباءة المبادرة الفرنسية “الخالية من اللون والطعم والرائحة”.
وعد الاشهر الثلاث القادمة ستشهد حربا مجنونة وقودها الوطن العربي ثرواتٍ وشعوب، ستفضي الى “دولة كردية” في الشمالين العراقي والسوري امتداداً حتى خليج الاسكندرون على المتوسط كطوق (Buffer-Zone) أمني يُشكل لجاماً يحد من جموح الحصان التركي عند الحاجة، ويتصل مع آخر علوي يمتد على امتداد الساحل السوري على المتوسط، وشبه كيان هشّ منتدَب عليه في ما تبقى من وسط وجنوب سوريا .
كما قال ان المنطقة سيكون فيها “هيمنتان إقليميتان (إيران) و (إسرائيل) ضامنتان لمصالح القطبين الأعظمين منتدبتان في المنطقة لمهمة ترويض شعوبها وضبط إيقاعها وتبديد ثرواتها ورسم معالمها طائفياً”.
وقال حلوم ان الأولى ستكون منتدبة للهيمنة على سوريا والعراق ولبنان والحزام الكردي اللاجم، بينما الثانية فمنتدبة للهيمنة على مصر والسعودية ودول الخليج العربي والأردن، وذلك على غرار الانتدابين الفرنسي والبريطاني اللذين تُوجا بـ “سايكس-بيكو” وشلّا جموح الحصان العثماني عام ١٩١٧م.
ولتَبَيُّن المعالم الواضحة لهذا السيناريو المقبل الذي يسعى “التحالف الرباعي الأمريكي الروسي الإيراني الإسرائيلي” تحقيقه بالتوافق والهيمنة وتبادل المصالح ، تشير التطورات المتلاحقة والمتسارعة بأن الأمور تتجه إلى أنها ستؤول في نهاية المطاف وفي المدى المنظور- الذي لن يتعدى حلول العام القادم – إلى استنساخ كيانين جديدين هشَّين:
الأول كردي سيتوج بالاعلان عن الانفصال الكامل لإقليم كردستان في شمال العراق بحيث يَتبع ذلك، الإعلان عن انشاء الدولة الكردية المستقلة الموحدة والمكونة من احزاب البرازاني والطالباني وأوجلان(احزاب الوطني والديمقراطي والعمال) تحت مسمى “الدولة الكردية المستقلة” التي سوف تتمدد جغرافياً على شكل منجل يمتد من الموصل وكركوك في العراق وحتى الشمال السوري في عين العرب وصولاً الى اللاذقية التي ستكون الذراع الشمالية للدولة العلوية المتواصلة أمنياً مع الدولة الكردية .
والثاني علوي وفق ما ألمحَ إليه مؤخراً نائب وزير الخارجية الروسي (سيرجي ربابكوف) في قنبلته الدخانية التي فضحت ومهدت لهذه النوايا بترحيب روسيا لمقترح الدولة الفدرالية في سوريا(!)، بحيث يتوّج الأمر بإعادة إنتاج نظام الأسد ، فإن لم تكن له سوريا كاملة، “فدويلة علوية على الساحل السوري عاصمتها دمشق” تمتد من اللاذقية المجاورة للدولة الكردية شمالاً عند جغرافية عين العرب(كوباني) امتداداً على الساحل السوري لتكون متواصلة مع الساحل اللبناني المنتدب لوصاية حزب الله.
يشكل الإقليمان ألجديدان الكردي السني والعلوي الشيعي كفتَي توازن طائفي ضامنتان لمصالح القطبين، إذ تحظى روسيا بحصتها من الكعكة الدسمة بالحرية المطلقة في إقامة قواعد عسكرية دائمة لها على الساحل السوري، إن لم نقل أرضًا دائمة تحت الانتداب الروسي تطل على البحر المتوسط.
وأضاف التقرير ان التطورات تتسارع بهذا الاتجاه بعد أن أصبحت (جمرة حرب الاستنزاف في سوريا) تحرق (يد روسيا)، التي ليس من مصلحتها خوض حرب باردة طويلة المدى أمام الضغوط الاقتصادية، فآثرت التوافق مع القطب الامريكي الند على اقتسام الكعكة ، خاصة بعد أن تيقنت انه هو الآخر بدوره (أي أمريكا) لا تريد التورط في مستنقع سوريا عسكريا – رغم تورطها السافر بأشكال أخرى- وأنها في نهاية المطاف لا تريد أن تترك حلفائها في المنطقة في مهب الرياح دون ان تنال حصتها من الكعكة بضمانة الهيمنتين الإقليميتين (ايران وإسرائيل) اللتين دخلت معهما في تحالف إستراتجي يحررها بعض الشيء من التزاماتها ازاء حلفائها في المنطقة.
الحقبة الساخنة القادمة ستبين- حسب حلوم- مدى إمكانية تنفيذ هذا المخطط، الذي يهدف إلى:
تحقيق حلم الكيان الصهيوني المحتل في تفكيك البلدان العربية المحيطة به، وجعلها دولا ضعيفة و ممزقة إلى أبعد حد. وضمان الغرب بزعامة الولايات المتحدة الامريكية لمصالحه الكاملة في الشرق الأوسط، ولكن براعٍ جديد هو إيران ما بعد الاتفاق النووي التي تسعى بدورها الى محاولة السيطرة على العراق وبقية دول الخليج العربي، وإلحاق بعضها بإمبراطوريتها في موازاة تكريس قاعدة الراعي الاستراتيجي (الاسرائيلي) الضامن التاريخي لتلك المصالح منذ منتصف القرن الماضي، مع الأخذ في الحسبان إمكانية الذهاب بعيداً نحو تفكيك المملكة العربية السعودية لدويلات اذا ما اقتضى الأمر ذلك.
ضمان الدب الروسي لمصالحه في المنطقة بايجاد قاعدة أمامية استراتيجية متقدمة له في القلب من الخارطة الكونية مطلة على البحر الأبيض المتوسط الذي تتجمع فيه شرايين التحكم المصيري بين القارات الست. وتعميد ايران كضامن للمصالح الروسية في ساحته الخلفية بمقايضة توافقية تحكمها التفاهمات الاستراتيجية الروسية الإسرائيلية التي تمت بين بوتين -ونتن ياهو خلال لقائهما الأخير في سبتمبر الماضي والذي أخذ فيه الأول على عاتقه مسؤولية حماية حقول الغاز الإسرائيلية في شرقي البحر المتوسط.، وعدم التعرض للعمليات العسكرية (الإسرائيلية) التي تتطلبها مقتضيات أمن (الدولة العبرية) في المنطقة وحتى داخل سوريا وفق ما أعلنته جي بي سي نيوز التي نقلت ذلك وأكدت أن الرئيس الروسي بوتين اتفق مع نتن ياهو على عبر الاتصالات التليفونية والرسل أن تأخذ روسيا على عاتقها مهمة تشغيل واستثمار حقل “لفيتان” الواقع على حدود المياه الإقليمية اللبنانية بمبلغ يتراوح بين 7-10 مليار دولار، وهو اكبر حقل غاز (إسرائيلي) مع بناء خط غاز من إسرائيل إلى تركيا، مما يسمح (لإسرائيل) بتصدير الغاز إلى أوروبا، الأمر الذي يعني بوضوح انه يشكل ضمانة روسية واضحة وصريحة تقضي بأن أحداً على الساحتين السورية واللبنانية لن يتعرض أو يمس المصالح الإسرائيلية)وينسحب ذات الشأن على كل ما يمس الأمن (الإسرائيلي).

رأي اليوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى