تفلت الروح الجمعية للأردنيين..الانتخابات المحلية ونتائجها- قراءة تحليلية

تفلت #الروح_الجمعية للأردنيين.. #الانتخابات_المحلية ونتائجها- #قراءة_تحليلية..
ا.د حسين محادين
صحيح ان الانتخابات استحقاق دستوري نُظم بقانون الادارة المحلية بطبعته الأخيرة لكن هذه القوانين شبه النموذجية مطلوب منها ان تعمل في مجتمع اردني ما زالت فيه العشائرية المناطقية اهليا ورسميا هما المرجل المغذ للحراكين السياسي والاجتماعي معا، لذا ارى ومن منظور علم اجتماع السياسي وبحدود اختصاصي الاكاديمي بأن الاهم ايضا هو رصد وتحليل ما هو آت:-
1-ما هي نفسية الأردنيين افرادا وجموع هالأيام سواء المترشحين أوالناخبين على قِلتهم معا ؟.
2- لماذا كان الأقبال الكبير على الترشح لرئاسات البلديات وعضوية مجالس المحافظات مقابل تدني نسب واهتمام الناخبين في العاصمة والمحافظات..بدليل هو المتوسط العام المتدني لنسب المقترعين في انتخابات البلديات ومجالس المحافظات معا ؟
(1)
لا يستطيع الراصد والمحلل العلمي ان يتجاوز حقيقة الواقع المعاش حاليا، والقائل بأن الظروف الاقتصادية كأساس للمواطن قد اصبحت ضاغطة وبقسوة شديدة على جميع ارباب الأسر الاردنية ذات الاعداد الكثيرة اصلا من الابناء ، واغلبهم من ابناء وبنات الشريحتين الوسطى الذائبة والدنيا كأغلبية في آن؛ خصوصا المتقاعدون – عسكريين ومدنيين – إضافة الى ان الكثرة منهم لا يعملون في أكثر من عمل باليوم الواحد لتعذر وجود العمل اصلا؛ و لا ننسى ايضا بأن الظروف الخانقة على ابنائهم المعطلين عن العمل، بصورتها الافتة والمحبطة جدا للمناخ الأسري والوطني العام بكل عناوينه للأسف وفي ظل غياب التفاؤل بالقادم قد تفاعلت وساهمت جمعيها في زيادة حجم الاحتقان النفس/اقتصادي في مجتمعنا برمته، وهي الارضية النفس اجتماعية الأم المتوترة اصلا والتي سبقت بدء عمليتي الترشح والانتخاب. وبناء على ما سبق، وجد الكثير من هؤلاء في الانتخابات المحلية فرصة مواتية للترشح او معاودة الترشح بحجة ان المعاودين لديهم الرغبة في اتمام برامجهم ا”للفظية” اثناء تولي معظمهم مقاليد البلديات او حتى عضوية مجالس المحافظات دون انجازات تذكر، علاوة سعيهم لتحسين اوضاعهم المادية ايضا ، عبر هذه “المغامرات” غير مضمونة النتائج من ناحية الفوز، لكنها فرصة واعدة ربما لاظهار او تثبيت حضورهم على الصعدين الشخصي والعشائري غالبا ،خصوصا في المحافظات والبلديات الصغرى هنا وهناك،لذا لاحظنا أن ردود الفعل العنيفة لدى الذين رسبوا من ابناء هذه العشيرة او تلك في بعض المناطق بعد ظهور النتائج الرسمية، اي جراء اخفاق مغامرات /طموحات الترشح الفردي والجمعي لجلهم ما جعل ردود افعالهم تصل الى حد الاحتراب الامر الذي اظهر حالات من التفلت من عضوية النظام العام النسبي الذي كان حاضرا في مرحلة ما قبل الترشح وبعيد ظهور نتائج الانتخابات.
(2)
لم تكن نفسية الناخب/ة افضل من تفكير وسلوكات المرشح المرحلي بناء على المعطيات الأتية:-
أ – غياب البرامج الانتخابية علميا وعمليا المطمئنة للناخب كما يُفترض لدى جُل المترشحين والمترشحات ترابطا مع الخبرات السابقة والمحبطة لدى الناخبين لإيمانهم الجمعي القوي ربما في ندرة إحداث اي تغيير في الواقع الخدمي والتنموي المُر للمؤسسات المُتنافس على الفوز برئاستها او عضوية اي منها ، او حتى لا فرق لدى الناخب ،ما بين هذا المرشح او ذاك كأصحاب مصالح آنية تتمثل في فوزهم فقط وابتعادهم هن ناخبيهم بعد ذلك ، لذا كان الناخب فاقدا للثقة بالقادم قبلا من بين المترشحين حتى ولو كان من الاقرباء له ، الامر الذي دفع به وبصمت اجرائي خبيث الى تجاوز موقع واهمية واولوية “الإجماعات” العشائرية التقليدية ، فعمل اغلب الناخبين/ت على مقايضة اصواتهم مع اكثر من مرشح في الظل، بحثا عن مصالحهم التي افترقت وعيا ومصالح عن عشائرهم، وهذا ما يدل على عدم الثقة بينهما، رغم ان الظاهر الصوري يشي بعكس هذا التشخيص الموجع للبعض.
لذا لاحظنا عمق التشكيك الداخلي بين ابناء بعض العشائر والتعبير عنه في سلوكات عنيفة ضد المشكوك في ولائهم للجمع، او حتى تصويتهم السري بالضد من بعض اجماعات عشائرهم، ما يشير هنا ضمنا الى بدايات تفكك بنى وروابط العشيرة كتنظيم اجتماعي كان مُتسيدا للكثير من المواقف والقرارات بالسابق، وهذه التغيرات هي التي قادت بدورها الى ظهور اشكال من العنف الثأري الجمعي بالضد من بعض الافراد من بين ابناء اكثر من عشيرة هنا او هناك كما لاحظت بحكم معايشتي لبعضها، وذلك خشية من تنظيم العشيرة الجمعي ان يتسع كل من، حجم المزع او التمزق في نسيجها وعناوين تجاوزها من قِبل ابنائها اي من داخلها وهنا الخطورة الاكبر على مصالحها الاقل من قيم الدولة بالمعنى الدستوري والقانوني للوصف.
ب- ان ضعف/شح موازنات البلديات ومجالس المحافظات في السنوات الاخيرة قد اسهمت وبقوة في زيادة وتعميم فجوة الثقة بين الناخب والمرشح والمؤسسات البلدية واللامركزية معا..بدليل مجاهرة الناخبين في القول..”مين ما يبجيً شو يسوي مادام ما في قرووش ” لذا كانت نتائج الانتخابات مفاجئة
ومخيبة لأمال العديد من القيادات التقليدية للعشائر وابناء المناطق المحلية غافلين عن طبيعة واتجاه التغيرات الاقتصادية والمصالحية المتعددة الاوجه، وحتى التعليمية التي تتبناها الاجيال الجديدة من الشباب مباشرة او عبر مهاراتهم في استخدام وتوظيف وسائل التواصل والتفاهمات فيما بينهم ولو بالتدريج ضد هيمنتهم على جُل القرارات في هذه العشائر في السابق..ما جعل ردود افعالهم كقيادات وتحالفات انتخابية تقليدية تتسم بانواع من العنف اللفظي وحتى المسلح احيانا بحجج التزوير، او حتى التأمر عليها..الخ.
حمى الله اردننا الحبيب..والتغير سنة الحياة.
قسم علم الاجتماع-جامعة مؤتة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى