تغيُر قيم واولوية الزواج في المجتمع الاردني بين الحقائق والوصمة الاجتماعية..رؤية تحليلية

تغيُر قيم و #اولوية_الزواج في #المجتمع_الاردني بين الحقائق والوصمة الاجتماعية..رؤية تحليلية
ا.د #حسين_محادين *
(1)
ثقافة الفجأة الاردنية..
نُشرت معلومات احصائية لم يُتثبت من دقتها تقول ؛ ان لدينا في المجتمع الاردني مليون فتاة فوق عمر 35 عاما لم تتزوج وكأن هذه المؤشرات ظهرت فجأة، وهي التي وخزت الوعي واججت الرأي العام الاردني تحت عنوان هلامي هو ان لدينا مشكلة “عنوسه” وبالمناسبة هذا مصطلح يحمل معنى الوصمة الاجتماعية موجه وبقصدية ذكورية نحو المرأة فقط في حين تم اغفال ان هذا المصطلح من وجه نظر علمية متممة لكن مسكوت عنها بذات الوقت، وهي ان هذا “الوصم” يُصيب الرجال كما يصيب الاناث معا، لأن الزواج الشرعي هو بين رجل وامرأة وبالتالي امتناع ايّ منهما عن الزواج يمكن وصمه بالعنوسة. (2)
على الصعيد الوطني ان هذا التفاجىء المضحك والموجع بمشكلة تأخر سن الزواج في مجتمعنا الاردني الشاب يشي وكأن مؤسسات هذا المجتمع انطلاقا من الاسرة وليس انتهاء بالحكومات ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة بقضايا الاسرة تسعى الى إغماض ا عيونها عن حقيقة ،اننا وطنيا جميعنا مساهمون وبقوة في استفحال مشكلة تأخر سن الزواج بين شبابنا من الجنسين منذ عقود لعوامل متداخلة منها درجة اقتناع الشباب العزاب انفسهم بالزواج ابتداء وجلهم متعطل عن العمل ترابطا مع ارتفاع نسب الطلاق في السنتين الاوليين بين الذين تزوجوا قبلهم كما تشير احصاءات الدوائر الشرعية الرسمية، ثم هل علاقة الانسان المعاصر مع مكانة واهمية الاسرة لا سيما الشباب بقيت مكانتها كما كانت عند الاباء والأجداد..؟. ثم هل بناء مؤسسة الزواج بكلفها والتزاماتها العالية التكاليف تتسق او تتماشى مع حرية الشباب في عصر التكنولوجيا وادوات التواصل الاجتماعي بما توفره من علاقات حرة الامر الذي قاد الى ضعف علاقة شبابنا من الجنسين مع الامكنة والمؤسسات الأسرية الضاغطة على حرياتهم وبالتالي خياراتهم بالزواج من عدمه وفقا للتقييمات المادية والاجتماعية ربحا وخسارة التي اخذت في التسيد على انماط تفكير وقرارات ابناء مجتمعنا..؟ .
(3)
اما التاثيرات الجديدة على بنية وقرارات الشباب الاردني واسرهم ايضا بخصوص الزواج تحديدا هنا، يمكن القول علميا ،انه ومنذ ظهور العولمة ، اي سيادة القيم المالية والارقام وعقلية جني الارباح المجردة في حياتنا الراهنة وبغض النظر عن شرعية الوسيلة، واقصد تحديدا مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، اي سيادة ايدلوجية القطب الراسمالي والتكنولوجي
” اللاديني” المعولم, وهو الذي يعمل كنظام يقود الكون حاليا نحو تذويب منظومة القيم الدينية والأسرية معا، لايمانه بتسليع الاجساد وحرية الافراد المطلقة في الايمان بالاديان والزواج من عدمه قانونيا كجزء من الشرعية الدولية ممثلة بقوانين “حقوق الانسان” والمتضمنة حرية وكيفية تعامل الافراد من الجنسين ، واستثمارهم لاجسادهم كيفما يؤمنون، ومنها الامتناع عن الزواج الشرعي في العالم كواحدة من الطرق لتقليل سكان العالم بالتدرج من جهة ، ومن جهة متممة هو توفر ووجود البدائل الاخرى للزواج بين ايدهم وبأقل الكلف، ما اثر على مكانة واولوية الزواج التاريخية في مجتمعنا الاردني ايضا، ومنها انتشار نظام المساكنة المسكوت عنه، بناء علاقات جنسية خارج مؤسسات الزواج الشرعية بالمعنى الديني، الجنس الالكتروني كأحد الاذرع الفكرية والاجتماعية للعولمة في سعيها لنشر وتعميم أنماط الحياة الغربية في العالم هذا اولا.
اما ثانيا ، لابد من الاشارة العلمية لمضامين ومصاحبات
دخول المجتمع الاردني باندفاع نحو سياسة الخصصة كجزء من النظام العولمي الجديد اقتصاديا تكنولوجيا واجتماعيا، والامر الذي نجم عنه التراجع في الكثافة الدينية ضمن يومياتنا كمجتمع عربي مسلم، فأصبح كل شيء نعمله يجب ان يتصف بما هو آتِ،:-
أ- ان تكون العوائد المالية مجدية وهي الاساس في ولأي عمل .
ب- حقيقة تراجع منظومة القيم الدينية والاجتماعية المتوازنة في مجتمعنا خصوصا قيم ،التكافل، الجيرة، والتطوع ،والعمل الخيري، العونة والتساهل من قبل الاباء في امور الزواج ..الخ.
ج- اصبح الهدف المرتجى من بناء اسرة عبر الزواج بحاجة الى راسمال نقدي كبير ومظاهر استهلاكية زائفة وكأنها عملية تشبه انشاء شركة استثمارية ربحية جشعة، وليست مؤسسة دينية واخلاقية تكون عنوانا حقيقيا للسكنى والتساند بين الزوجين وذويهما على اسس نوعية نبيلة تقدر معاني وآفاق النسب والخؤولة بين البشر المتضامين بانسانيتهم عبر امتثالهم لقول الرسول العظيم بتغريبهم النكاح من مختلف العشائر والجنسيات. على القيم الدينية والاخلاقية التي ترفع قيم العِفة والسكنى وهذا الطرح بحاجة الى تصويب .
(4)
اخيرا…
لاشك ان لدينا تحديات كبيره تواجه قيام مؤسسة الزواج لدى الشباب من الجنسين، لكن في الوقت ذاته علينا الاعتراف العلمي الجرىء بما يلي:-

  • ان انماط التنشئة الاجتماعية والخبرات القبلية عن الزواج ومسؤولياته التي تشربها ابناؤنا من اسرهم لا تساعدهم عل. الزواج الحقيقي النجاح القائم على الثقة والتفهم لطموح وعلاقات كلا الزوجين المنفتحة في ظل ثورة الاتصالات التكنولوجية المباشرة وسيادة ثقافة الصورة التي وفرت كل المعلومات والحريات التي غالبا ما تصطدم مع أنماط تنشئتنا الشخصية كزوجين والتي تقوم على الضبط والربط المبالغ فيه غالبا.
  • -ان كل حالة شاب او بنت في سن البلوغ هي حالة قائمة بذاتها، وبالتالي اصبح كل منهما اجرا في اظهار تفضيلاته نحو الزواج التقليدي الجامد او العلاقات الحرة والمتغيرة تمشيا واستثمارا لما وفرته الحياة المعاصرة من تعدد فب العلاقات الخاصة لكل منهما.
  • ان العالم الجديد ذي القرن الواحد والدولار الواحد والنموذج الواحد عولميا انما يعمل بالتدرج على سيادة نموذجه العولمي القائم على حقيقة علمية واحدة هي ان التغيير الفكري والسلوكي والمؤسسي بما فيه الزواج الذي نعتبره تحدي مجتمعنا هو في حالة تغيير دائم في العالم الحياة المعاصرة وان للمؤسسات اعمار ايضا…
  • انها دعوة للتفكر والتحاور الواعي لمفهوم وانواع ومبررات الزواج في حياة شبابنا الراهنة دون تخوين او مواقف متزمتة مسبقا نحو قراراتهم..فهل نحن فاعلون…؟.
  • * قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى