سواليف
كان لافتا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتيناهو الأخيرة، والتي أشار فيها إلى وجود تغيرات سياسية وصفها بـ”الدراماتيكية”.
نتنياهو أبقى على تصريحه مبهما، دون إعطاء أي تفاصيل أو توضيح لمقصده، غير أن كتاب ومحللين سياسيين فلسطينيين، قالوا في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، إنه يُلمح إلى العهد الجديد في المنطقة بقيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إضافة إلى الوضع العربي الذي تنظر إليه إسرائيل براحة كبيرة.
وكان نتنياهو قد قال خلال زيارة لمقر قيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية أول أمس بحسب نص تصريحه، الذي أرسل مكتبه نسخه منه للأناضول:” نعلم أيضا أننا نواجه تغيرات سياسية دراماتيكية وأعتقد أن بعضها جيدة جدا بالنسبة لإسرائيل، ولكن للأسف لم نصل بعد إلى تهدئة الموقف”، دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول مقصده.
ويقول الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بمدينة غزة، إن نتنياهو يقصد بالتغيرات السياسية تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب لمقاليد الحكم.
وتابع:” هو يقصد الشأن الخارجي، وبالدرجة الأولى عهد ترامب، الذي أبدى في أكثر من مناسبة دعمه الكبير لإسرائيل، خاصة عقب قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن الاستيطان”.
ومن المقرر أن يجري تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في الـ20 من الشهر الجاري.
وفي أعقاب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، عولت إسرائيل الكثير على تصريحاته المؤيدة لها خلال حملته الانتخابية.
وانتقد ترامب، مجلس الأمن الدولي بشأن قرار منع إسرائيل من بناء المستوطنات الصادر عنه مؤخرا.
وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016، تبنى مجلس الأمن الدولي قرارًا بأغلبية 14 صوتًا وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان بشكل فوري وكامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما أثار حفيظة تل أبيب آنذاك.
وقال ترامب عقب القرار: “لا يمكننا أن نسمح بمعاملة إسرائيل بمثل هذا الازدراء وعدم الاحترام”.
وأضاف في تغريدة نشرها في حسابه على تويتر: “”ابق قوية إسرائيل….فـ20 يناير يقترب بسرعة (في إشارة ليوم استلامه منصبه)”.
كما أشار أبو سعدة إلى أن إسرائيل تعوّل على ترامب لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، ما تعتبره انتصارا كبيرا لها.
وكان ترامب في نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وعد خلال حملته الانتخابية بنقل سفارة بلاده من تل ابيب إلى القدس.
وترفض الولايات المتحدة رسميا وحتى الآن، شأنها شأن باقي دول العالم، الاعتراف بالضم الإسرائيلي للقدس الشرقية المحتلة منذ 1967.
وفي الأول من الشهر الماضي، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرارا بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس لمدة 6 أشهر.
ومنذ تبني الكونغرس الأمريكي قرارا في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس دأب رؤساء الولايات المتحدة على توقيع قرارات كل 6 أشهر بتأجيل النقل “من أجل حماية المصالح القومية للولايات المتحدة”، حسبما تنص تلك القرارات.
وتعد القدس في صلب النزاع بين فلسطين وإسرائيل حيث يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولتهم المنشودة.
وأكد أبو سعدة أن نتنياهو يعول كثيرا على دعم الإدارة الأمريكية الجديدة لإسرائيل على كافة الأصعدة السياسية داخليا وخارجيا.
وتابع:” إسرائيل تتنظر لترامب باعتباره المنقذ، الذي في عهده ستتغير الكثير من المفاهيم والقرارات”.
وتشير مصادر في مكتب نتنياهو إلى إنه تحدث عدة مرات مع ترامب.
يقرأ المحلل السياسي أبو سعدة، تغيرا آخرا في تصريحات نتنياهو بشأن التغيرات السياسية، والتي تتمثل بنسج علاقات جيدة مع دول الخليج العربية وبخاصة السعودية.
وتابع:” من الواضح وبحسب ما تتناقله وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن هناك تقاربا خليجيا إسرائيليا وخاصة مع السعودية، وهو ما يقصده نتنياهو بالتغيرات الدراماتيكية”.
وكانت صحيفة “معاريف” العبرية، قد نقلت عن مسعى نتنياهو إلى التوصّل في عهد ترامب إلى اتفاقيات مع العالم العربي، وعلى رأسها السعودية.
وبحسب الصحيفة، أعرب مسؤولون سعوديون عن رغبتهم في “تغيير العلاقات بين الجانبين، ولا سيما على ضوء التهديد المشترك إيران”.
ومن جهته رأى عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة (خاصة) في مدينة غزة، والباحث في الشأن الإسرائيلي أن نتنياهو أراد في تصريحاته، الإشارة إلى ما يجري في الدول العربية من فوضى.
وتابع:” إسرائيل تنظر براحة شديدة إلى الوضع الراهن في الدول العربية، والتي تتجاذبها الخلافات، والعنف ما أدى إلى تراجع التأييد للقضية الفلسطينية، كافة الدول تنشغل بشؤونها الداخلية، وإسرائيل تعتبر هذا الواقع استثنائيا يمكن لها خلاله تنفيذ كافة سياستها”.
ويعيش العالم العربي في الوضع الراهن من حالة من الفوضى والعنف الطائفي عقب “ثورات الربيع العربي”، يرى مراقبون أنها انعكست بالسلب على القضية الفلسطينية ولم تعد ذات أولوية على جدول أعمال العرب اليوم.
ويتفق أبو عامر أن نتنياهو ينتظر الإدارة الأمريكية الجديدة الداعمة لإسرائيل للمضي قدما في سياساته.
وتابع:” نتنياهو يريد القول وبوضوح إن إسرائيل أمام مرحلة استثنائية قادمة، تتماشى وفق أهوائها السياسية”.
ولفت أبو عامر إلى أن نتنياهو يسعى للتأكيد على أن علاقاته مع كافة الدول جيدة.
ورأى مصطفى إبراهيم، المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية أن نتنياهو أراد القول بأن إسرائيل تعيش مرحلة مريحة سياسيا.
وتابع:” بالتأكيد هو يقصد التغيرات في المنطقة التي للأسف لا تصب في صالح القضية الفلسطينية، التي لم تعد الاهتمام الأول بالنسبة للعالم العربي المنشغل بهمومه الداخلية”.
واتفق إبراهيم أن نتنياهو أراد من خلال حديثه الإشارة إلى وجود علاقات جيدة ينسجها مع الدول في المنطقة.
وتابع:” نتنياهو يتباهى علنا بعلاقته الجيدة مع الدول العربية، وحتى الإسلامية وما جرى مؤخرا من زيارته لأذربيجان وكازاخستان يعد إنجازا بالنسبة لإسرائيل”.
وفي ديسمبر/كانون أول الماضي زار نتنياهو كازاخستان في أول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي بعدما زار أذربيجان.
وقال نتنياهو، بحسب نص تصريحاته: “العلاقات بيننا وبين جيراننا العرب والمسلمين تتغير بشكل دراماتيكي، ليس كل شيء في هذه العلاقات يجرى على الملأ ولكن جزء منها هو علني”.
الأناضول