سواليف – عندما تفتح تطبيق خرائط غوغل على هاتفك الذكي، وتحدد عنواناً تحتاج أن تتوجه إليه وتجد أن الطرق مناسبة وبلا اختناقات مرورية، ولكن عندما تصل إلى نقطة ما كانت تظهر باللون الأزرق على الخريطة وتجدها أصبحت حمراء عندئذ تكون في مأزق. هذا الأمر سيصبح من الماضي البعيد خلال فترة قصيرة للغاية، حيث تستطيع أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” أن تخبرك بمناطق الازدحام قبلها بـ45 دقيقة.
وحينما تكون التكنولوجيا الناشئة “نقلة نوعية”، فإنه غالباً ما يكون هناك بعض المبالغة. أما في حالة أنظمة الكمبيوتر كوانتم، فإن “النقلة النوعية” تصبح تقديرا أقل من الواقع والمتوقع، وفقاً لموقع “Futurism” المعني بالتكنولوجيا والأبحاث المتطورة.
ففي الكمبيوتر التقليدي، تعمل أجهزة الكمبيوتر التقليدية، المستخدمة حالياً في كل المجالات من أجهزة الصراف الآلي إلى الهواتف الذكية، عادة بالاعتماد على مسار من نظام ثنائي ليس لها إلا احتمالان فقط، وهما “0” أو “1”، وهو ما يعرف بـ”البت”، أما أنظمة الكمبيوتر كوانتم فتعتمد على الـ”كيوبت”، وهي اختصار لـ (كوانتوم بت) أي “البت الكمي”. وتسمح أنظمة كوانتم بدمج المسارين “0” و “1” لتتحرك “الكيو بت” فيهما معاً في آن واحد.
تفاحة آينشتاين
قد لا يبدو ذلك مبهراً أو مهما لغير المتخصصين لأول وهلة، ولكن للدقة هو اكتشاف كـ”تفاحة #آينشتاين” بالفعل، حيث يعني ذلك أن أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” يمكنها إجراء عمليات حسابية أكثر تعقيداً مما هو معتاد ومتوقع.
على سبيل المثال، يمكن أن تفك أجهزة “كوانتم” شفرات وتصحح الملايين من رموز أي برنامج في ثوان معدودة، ما يجعل استخدامها في الطائرات مأموناً وجديراً بالثقة وكذلك في السيارات وأجهزة المسح الضوئي للتصوير بالرنين المغناطيسي، وما إلى ذلك من المعدات والأجهزة التي تحتاج أن تكون أكثر كفاءة في نتائجها. وعلاوة على ذلك، تستطيع أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” العمل في درجة حرارة 4 فوق الصفر المطلق، أي ما يعادل -273 درجة مئوية، وهي درجة حرارة أكثر برودة بكثير من الفضاء بين النجوم.
بروتوكولات علاج ووقاية
ويحرص العلماء على استخدام أنظمة “كوانتم” لتحليل الميكروبات حتى يتمكنوا من إنتاج لقاحات جديدة، يمكن بعدها استخدام أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” لتحسينها للحد من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها. ويعتقد بعض #العلماء أن “كوانتم” ضروري لتحقيق بروتوكولات وقائية وعلاجية غير مسبوقة في مجال الرعاية الصحية.
الاختناقات المرورية
وتفتقر أجهزة الكمبيوتر التقليدية إلى قوة المعالجة اللازمة لسرعة التحليل ودقة التنبؤ بالعديد من المتغيرات مثل حركة المرور في المناطق الحضرية. أما أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” فيمكن أن تساعد الحكومات على أن تحدد بدقة الطرق، التي تحتاج إلى تطوير للحد من حالات الاختناق المروري، ما يؤدي إلى زيادة كفاءة وفعالية استخدام الإيرادات الضريبية. فمن شأن تقليص عدد الاختناقات المرورية أن يحد من استهلاك #الوقود ويقلل من تلوث الهواء، مما قد يخفف من الربو ويخفض من الآثار السلبية التي تضر وتؤدي إلى تغير المناخ.
ومن المتوقع أيضاً أن تقوم أنظمة “كوانتم” بالتكامل مع التكنولوجيات الناشئة الأخرى. فعلى سبيل المثال، تقوم “فولكس واغن” بعمل أبحاث وتجارب على منصة “كوانتم” لتكون قادرة على تنبيه السائقين لتجنب الاختناقات المرورية، قبل 45 دقيقة من حدوثها.
ويمكن لعشرات الآلاف من سيارات الأجرة المنتشرة في العاصمة الصينية أن تدخل في منظومة “كوانتم”، بما يوفر تغذية مستمرة من المعلومات حول الموقع الخاص بكل منها إلى قاعدة البيانات بحيث يتم إجراء تحليل لتدفقات حركة المرور في المدينة، الأكثر ازدحاما في العالم.
المدن الذكية
ويمكن أن ينتج عن التزاوج بين أنظمة “كوانتم” وتكنولوجيا “IoT” وهي عمليات توظيف #الإنترنت لتشغيل الأجهزة والمعدات المتطورة عن ظهور مجموعة واسعة من تطبيقات “المدن الذكية”. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن أجهزة استشعار السيارات الكهربائية ذاتية القيادة ستجعل من الممكن تحديد أماكن الشحن والقيادة كثيفة الاستخدام. وبالتالي يمكن للمدينة الذكية الاستفادة من أنظمة “كوانتم” لتحليل تلك البيانات واتخاذ قرارات لاختيار مواقع بناء نقاط الشحن بالكهرباء العامة.
شبكات توزيع الكهرباء
تتيح أنظمة “كوانتم” تفعيل النماذج، التي يمكن من خلالها التنبؤ بشكل أكثر دقة لاحتياجات الأسواق في المستقبل. وما زلنا مع “المدن الذكية” كمثال على التطبيقات المتوقعة لأنظمة “كوانتم”، وحيث إن ضعف أو انقطاع التيار الكهربائي من الظواهر المعقدة مع العشرات من المتغيرات. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى اعتماد المرافق على البيانات التاريخية المحدودة والنماذج التي تقدمها أنظمة الكمبيوتر التقليدية لتخصيص مبالغ ضريبية لتحديث الشبكات. أما في المستقبل، فسيكون من المتاح وفقا للأنظمة الجديدة أن تتوافر بيانات بالأحياء التي يتواجد بها سيارات تعمل بالكهرباء، أي أنه في الحي السكني الذي يوجد فيه سيارة كهربائية أو اثنتان (يتم استهلاك 10 كيلو/وات أو أكثر في الليل، وهو ما يعادل 5 أضعاف المتوسط الحالي) فإذا كانت البيانات توفر التحليل لمثل هذه المعلومة قبل سنوات، فإنه سيكون من الممكن لهيئات المرافق وشركات توزيع الكهرباء فرصة الشروع في تصميم شبكات وبنائها لدعم البنية التحتية الإضافية قبل الحاجة إلى ذلك بفترة مناسبة.
توحيد اللغة والتعريفات
ولدى أنظمة “كوانتم” القدرة بالفعل على تغيير شكل الحياة في العالم في القريب العاجل. في عام 2015، كان هناك بالفعل 7000 باحث في هذا المجال على الصعيد العالمي، مع ميزانية إجمالية تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار وفقا لمحللي “ماكينزي” في موقع “ذي إيكونميست”.
وإلى جانب التقدم الذي تم إحرازه في المجالات ذات الصلة مثل علم المواد، فإن هذا المستوى من الاستثمارات يعد سبباً في أن “كوانتم” باتت أقرب إلى الواقع وبدء التطبيق، مما يفترضه كثير من الناس، حيث يتوقع أن تنتشر استخداماته خلال 3 إلى 5 سنوات بدلا من عقد أو أكثر.
أنظمة D Wave حاليا بالسوق
وبالرغم مما يشاع بأن تطور أنظمة الكمبيوتر “كوانتم” لا تزال في المرحلة الجنينية، إلا أن موقع “zdnet” يؤكد أن هناك شركة كندية صغيرة، اسمها D Wave Systems، تقوم بالفعل ببيع وحدات “كوانتم” من إنتاجها ولكن على نطاق محدود حاليا.
وبينما تقدم شركة IBM أجهزة كمبيوتر تتراوح ما بين 5 و 17 “كيوبت” في مجال الاستخدام لـ Cloud، فإن غوغل تعمل حاليا على تطوير إنتاج أجهزة يمكن أن تصل إلى 49 “كيوبت”.
أهم المزايا المتوقعة قريبا
وبحسب مجلة “Time” الأميركية، تتلخص أهم النتائج المتوقع تحقيقها قريبا من خلال أنظمة كمبيوتر “كوانتم” في ما يلي :
1. طائرات أكثر أماناً: تخطط شركة “لوكهيد مارتن” لاستخدام أجهزة D Wave Systems بشكل تجريبي لأنظمة البرمجيات بطائراتها النفاثة، التي تعد حالياً معقدة للغاية بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر التقليدية.
2. استكشاف الكواكب البعيدة: سوف تكون أجهزة “كوانتم” قادرة على تحليل كمية هائلة من البيانات، التي جمعتها التلسكوبات والمراصد الفضائية، للبحث عن كواكب تشبه الأرض. هذا بالإضافة إلى أن “كوانتم” تعمل في درجات حرارة منخفضة وسيمكن أن تعمل خارج المحطات الفضائية على سطح الكواكب البعيدة.
3. الفوز في الانتخابات: ستسهم أنظمة “كوانتم” بشكل مذهل في تحليل ملايين من تفضيلات الناخبين بما يساعد الحملات الانتخابية للمرشحين بإعداد برامج تناسب أكبر عدد من أصحاب الأصوات.
4. الكشف عن احتمالات الإصابة بالسرطان في وقت مبكر: سوف تسهم “كوانتم” في المساعدة على كيفية تطور الأمراض ومراحلها المختلفة وبالتالي سيمكن التشخيص المبكر للإصابة بالمرض أو احتمالات الإصابة (خاصة السرطان)، وبالتالي يسهل القضاء عليه في المهد.
5. دعم السيارات ذاتية القيادة: تستخدم غوغل أنظمة “كوانتم” لتصميم البرمجيات التي يمكن أن تميز بين السيارات الأخرى وباقي المعالم على الطريق.
6. الحد من الوفيات المرتبطة بالطقس: سيعطي التنبؤ الدقيق لحالات الطقس الفرصة لسكان أي مناطق، لاتخاذ الاحتياطات اللازمة حسب الظروف الجوية المتوقعة.
7. تخفيض ساعات السفر: من خلال دراسات متطورة وتحليل دقيق لأنماط المرور جوا وبرا سوف يمكن تلافي الاختناقات ورسم خرائط لأسهل وأسرع الطرق.
8. إنتاج أدوية ذات فعالية أكثر: عن طريق رسم خرائط الأحماض الأمينية، على سبيل المثال، أو تحليل البيانات لتسلسل الحمض النووي، سوف يتوصل الأطباء إلى تصميم وابتكار وسائل علاجية ناجعة على أساس الأدوية المتطورة.
العربية نت