الضابطة العدلية في الجامعات الرسمية / أ.د يحيا سلامه خريسات

الضابطة العدلية في الجامعات الرسمية

موضوع كثر الحديث فيه بعد موافقة مجلس النواب عليه والذي نسبت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضمن سلسلة التعديلات على نظام الجامعات الأردنية لعام 2018. هذا التعديل كان مطلبا من الجامعات الرسمية بعد زيادة ظاهرة العنف الجامعي في بعضها, رغم أن نظام تأديب الطلبة المعمول به حاليا كفيل في حالة تطبيقه بإنهاء هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا الأردني. اذا علم الطالب مسبقا بأنه في حال مشاركته في ما يسمى بالعنف الجامعي سيفصل من الجامعه فانه سيفكر طويلا قبل المشاركه فيه. ان هذا الفصل يتراوح مابين الفصل المؤقت لفصل دراسي واحد او اكثر وبحد أقصى أربعة فصول الى الفصل النهائي. ان تعليمات تأديب الطلبة في الجامعات الأردنية صارمة في حال تطبيقها بالكامل , ويعتبر القرار الصادر عن مجلس تأديب الطلبة بعد مصادقة عميد الكلية عليه قرارا نهائيا غير قابل للطعن او الاستئناف باستثناء الفصل النهائي فهناك مجال لاستئنافه الى المجلس التأديبي على مستوى الجامعه ومن خلال رئيس الجامعة.
ان الخبرات العملية تشير الى أن الفصل من الجامعة في حال المشاركة في ظاهرة العنف الجامعي كفيل بردع من تسول له نفسه الاساءه الى زملاءه او الى منظومة الأمن الجامعي ككل بشرط تطبيق النظام على الجميع وعدم الرضوخ الى الضغوطات من هنا وهناك. ولنا تجربة أذكرها كمثال : فقد وقع خلاف بين طالب من منطقه جغرافية معينه مع طالب من منطقه أخرى سرعان ما امتد هذا الخلاف ليشمل أبناء المنطقتين والحمد لله تمت السيطرة عليه وعلى أثره تم فصل جميع المتورطين في هذه المشاجرة والبالغ عددهم 13 طالبا من كلا المنطقتين ولم نرضخ للضغوطات في حينه وتم تنفيذ جميع العقوبات. هذا الاجراء كفل لنا النظام في الكلية لعدة سنوات فأصبحت المعلومات تتناقل بين الطلبة ومن دفعة الى أخرى بأن الادارة حازمة في التعامل مع هذا الملف وغيره تصديقا لقوله عزا من قال ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”.
الغريب في المجتمع الأردني أننا اصبحنا نعيش على نظام الفزعات وأصبحنا نقسم بعضنا بناء على المناطقية , وأعتبر بأن السبب الرئيسي لتوسع دائرة أي مشاجرة هو عدم قدرة المشاركين الرئيسين على حسمها بأنفسهم والاعتماد على العزوة والأقارب والمعارف وهو ما يوسع دائرة الخلاف. من دراستنا خارج الوطن الحبيب لاحظنا بأن أي خلاف بين طالبين لا يتجاوزهما وتنتهي المشكلة اما بحلها او المواجهة بينهما دون تدخل أي طرف طلابي اخر , ولكننا والحمد لله بلد الفزعة والنخوة وهذا ما يشجع ضعاف النفوس على الدخول في المشاجرات , ولو عرف أحدهم بأنه سيواجه زميله بنفسه دون تدخل أحد ما أقدم على هذا العمل , والغريب ايضا لو أن احدهم طلب من من يفزع له بالمشاجرات 10 دنانير لفترة محدودة لاعتذر منه.
ان تطبيق الصفة العدلية على الأمن الجامعي تتطلب اعداد هذه الكوادر للتعامل مع الطلبه , فبعضهم وللأسف الشديد يعتبر جزءا من المشكله لا الحل. ان الأمن الجامعي وجد لحماية الطلبة وممتلكات الجامعة ووجوده يجب أن يدفع الطالب للإحساس بالأمان ولكن وللأسف بعضهم يفتقر الى المهارات الأساسية في التعامل معهم.
وفي نفس السياق نجد أن هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا موجودة فقط في الكليات غير العلمية في حين تكاد لا تسمع بها في كليات العلوم والهندسة والطب والصيدلة وذلك لانشغال الطلبة بتحصيلهم الأكاديمي وعدم وجود فراغ لديهم. أعتقد بأن اشغال الطلبه في النشاطات غير المنهجية والنشاطات المصاحبة سواء كانت رياضية أو فنية سيقلل كثيرا من تلك الظاهرة.
وفي الختام ان تطبيق الصفة العدلية على الأمن الجامعي يتطلب اعداد هذه الكوادر للتعامل مع هذه الصفه وأن لا تكون هذه الصفه جزءا من المشكله اذا شعر موظف الأمن الجامعي بأنه فوق الطالب ورقيبا عليه لا حاميا له وللمنظومة الأمنية بشكل عام.
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ قائدنا وبلدنا ومواطنينا من كل سوء وأن يديم الأمن والأمان على بلد الحشد والرباط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى