تطوير التعليم العالي والأولويات الحكومية

#تطوير #التعليم_العالي و #الأولويات_الحكومية

الأستاذ الدكتور #أنيس_الخصاونة

الأحاديث عن نية #الحكومة في #تطوير #الجامعات الرسمية ودعمها أحاديث كثيرة والتصريحات الإعلامية للحكومة ممثلة برئيسها ووزراء التعليم العالي المتعاقبين لا حصر لها لا بل لا يكاد يخلو أي كتاب تكليف ملكي بتشكيل حكومة إلا وتضمن بندا أو أكثر يؤكد على ضرورة دعم التعليم العالي وتطويره ورفع سويته. والحقيقة أن وضع #الجامعات_الرسمية وهي الأكثر حاجة للتطوير والدعم الحكومي لم يشهد تغيرا أو تحسنا يذكر . فمديونية الجامعات تشهد مزيدا من الارتفاع ، وتسرب أعضاء هيئات التدريس وتركهم للعمل في الجامعات المحلية وانضمامهم للجامعات في الخليج العربي مستمر،وتآكل البنية التحتية والمختبرات أصبح باديا للعيان ، وضعف #مخصصات ومخرجات #البحث_العلمي وجع قديم متجدد ، وزيادة أعداد #الطلبة بنسبة تفوق القدرة الاستيعابية والتقنية للجامعات ترهق البنية التحتية وتخفض من كفاءة التعليم، وتراجع جودة مخرجات الجامعات إضافة إلى تولي زمام الأمور في هذه الجامعات قيادات مختارة أقل ما يقال فيها انها لا تستند للكفاءة والجدارة .
فحديث الحكومة عن سياساتها في دعم الجامعات لا يخرج عن كونه كلاما منمقا وهادفا إلى التسويق الإعلامي لأفكار خالية من المحتوى والمضمون حتى أصبح العاملين في الجامعات لا يأخذون التصريحات الحكومية على محمل الجد .سياسات الحكومة لا يمثلها ما تقول الحكومة بأنها ستفعله في المستقبل ولكن سياساتها الحقيقية هي تلك التي تفعلها وتنفذها الحكومة على الأرض. إن ما تفعله الحكومة لا يعكس دعما ولا يرينا طحنا فكم سمعنا من وزراء التعليم العالي عن خطط حكومية لدعم الجامعات، وكم شكلت مؤتمرات للتعليم العالي، وعقدت ندوات، وتألفت لجان صرفت كثيرا من الوقت والجهد لتشخيص مشاكل الجامعات واستكشاف أفاقا للتعامل مع هذه المشاكل وبلورة حلول لها ولم يلمس العاملين في الجامعات نتاجا أو ثمارا تنعكس على قدرة الجامعات في النهوض بأهدافها.
الوضع الصعب للجامعات لا يقتصر على تخلي الدولة عن دعمها بل قيام عدة جهات في الدولة بزيادة مشاكلها من خلال ابتعاث الطلبة للجامعات دون دفع ما يترتب على هذه الجهات من رسوم جامعية، ويكفي أن نشير إلى أن نسبة المبعوثين الذين لا تلتزم الجهات المبتعثة لهم بدفع المستحقات عليهم في بعض الجامعات تتجاوز 40% من مجموع الطلبة في الجامعة. فعن أي دعم وأي سياسات للتعليم العالي نتحدث؟الجامعات الحكومية تحولت إلى مدارس كبيرة وتضخمت أعداد الطلبة في القاعات والصفوف دون مراعاة للجودة ومعايير الاعتماد ،وأصبح التعليم الجامعي يميل إلى استخدام أسلوب التلقين نظرا لعدم قدرة المدرسين على التركيز على تعزيز مهارات التحليل والحوار والمشاركة وحل المشكلات بسبب الأعداد الهائلة من الطلبة في المحاضرات.
نعم الجامعات الأردنية الرسمية في وضع صعب وهي مرشحة لأوضاع أكثر صعوبة إذا لم تتوقف الدولة عن تجاهل حاجات هذه الجامعات وخصوصا الجامعات التي تدرس تخصصات علمية وإدارية وإنسانية مطلوبة في دول عربيه شقيقة .تصريحات وزراء التعليم العالي المتعاقبين والمتعلقة بأنظمة الجامعات وديونها وزيادة وتوحيد مرتباتها وغيرها كانت توحي بشيء من الإيجابية خصوصا وأن الوزراء هم أصلا مدرسين في جامعات حكومية تعاني من التسرب والنزف للكفآءت من أعضاء هيئة التدريس في التخصصات العلمية التي تعاني الجامعات أصلا من نقصها وعدم توفرها بالكم والنوع الملائمين . نرجو أن تكون مواقف وزير التعليم العالي الذي نحترمه تعكس إرادة سياسية طال غيابها .وضع الجامعات الرسمية تجاوز كل خطوط الإنذار المبكر والمتأخر ويحتاج إلى خطط للإنعاش والطوارئ ومبضع جراح مصحوبا بأدوات وموازنات تخرج هذه المؤسسات من أزمتها الخانقة. مؤسساتنا العسكرية والصحية والجامعية طالما اعتقدنا بأنها أهم أصول الأردن ومقوماته واستثماراته وكرامته وها نحن وللأسف نرى بأمهات أعيننا جامعاتنا تترنح وقد أصابها بعض العطب وتراجع في جودة مخرجاتها وما لم تنفذ الدولة خطة عاجلة لإنقاذها فالأسوأ قادم بلا محالة ،أنقذوا الجامعات يا حكومه. أن مسارات التحديث الثلاث التي استهدفتها جهود الدولة على مدار الأعوام الثلاث السابقة، السياسي والإقتصادي والإداري ،يجب أن يرفدها مسار رابع وربما أكثر أهمية وأولوية وهو مسار التحديث التعليمي بجناحيه الأساسي والعالي.التعليم في الاردن ينبغي ان يتحول غلى اولية حكومية يتم ترجمتها الى برامج عملية تستهدف بناء القدرات ،والتخلص من سياسات التلقين في التعليم ، وتعزيز القيم الايجابية . تحديث التعليم هو القاطرة التي يمكن من خلالها إحداث الحديث السياسي والاقتصادي والإداري وعليه فإن تطوير التعليم يجب ان يصبح في مقدمة الأولويات الحكومية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى