
ألم نشبع خبزا ليلة بغداد كانت تحترق ؟
د. حسام العودات
بعدما سئم جدي من اللزانيا والبيتزا , طلب من جدتي صيف عام 1978 أن تطبخ له ( مكمورة ) مع أنها من أكلات الشتاء .
تذمّرت جدتي لكنها لم تكسر بخاطره , فلطالما كانت تطربها أغنية فريد الأطرش ( جبر الخواطر على الله ) , فاستعانت بمونة الشتاء كي تطبخ المكمورة , تماما كمن جاء ليصلي يوم القيامة .
مضى نهارها عصيبا , حتى تصبب العرق منها غزيرا , وبعد الظهر بقليل كانت الصواني تزمجر بكل ما أوتيت من دجاج وبصل ودقيق , أما زيت الزيتون فقد كان يزيّن بلون الشمس سطح كل طبقة ورغيف .
القطط الجائعة تجمهرت حول ( فيلا جدي ) كطوابير الخبز يوم لاح في الأفق طيف عاصفتنا ( هدى ) , وما أن همّت جدتي بزف عروسة جدي ( المكمورة ) داخل القصر , عفوا الفيلا , حتى طلب منها أن يتناول الغداء بالقليل مما تبقى من ظل المنزل في باحة الدار .
بدأ يأكل بنهم , ويرمي ما تيسّر من العظام للقطط , فمررت راكضا من دار جدي ولم أكم أعلم عن تلك الوليمة , فناداني جدي , ولم أتعفف , فاللحم عزيز على مجتمع حتى الأسود فيه نباتيّة ( vegetarian ) .
أكلت لقمتين وغادرت المكان دون استئذان , فقالت جدتي : شكله هالولد ماكل قبل شوي , راحت عليه هالطبخه .
وما هي الا دقائق حتى عدت وبرفقتي أخي الأكبر , وإثنان من أبناء عمي , وشقيقتي , وما أن جلسنا على المائدة حتى قال جدي مخاطبا جدتي : مش قلتلك يا مره إنّه راح يفزّع ؟؟!!!!!!!!!!
صدقت نبوءة جدي , وها هي الأجيال قد استمرت على نهجي , ورحم الله من قال عام 2003 : يا الهي , الم نشبع خبزا ليلة بغداد كانت تحترق ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!