
شهدت مدينة #السويداء السورية يوم أمس مظاهرة رفعت فيها صور بنيامين #نتنياهو و #حكمت_الهجري، إلى جانب #أعلام_إسرائيل وشعارات طالبت بالانضمام إليها. وأعاد هذا المشهد طرح تساؤلات واسعة حول دوافع هذه التحركات، والرسائل التي تحاول #جماعة_الهجري إيصالها، وانعكاسها على التفاهمات الإقليمية ومسار الملف السوري، خصوصا في ظل تحولات دبلوماسية بارزة شهدتها الأسابيع الماضية.
وقال المحلل السياسي باسل معراوي إن الحكومة السورية تسعى إلى امتلاك أوراق تفاوضية أكبر من المتمردين في الجنوب، وقطع أي شريان مادي أو سياسي يغذي جماعة الهجري. وأشار إلى أن مستقبل السويداء بات محكوما بتفاهم اقليمي دولي اشتركت فيه الأردن والولايات المتحدة، وتم استبعاد جماعة الهجري منه بشكل كامل، في حين منح الاتفاق الأخير الحكومة السورية أولوية الإشراف والتنفيذ على خارطة طريق كانت ضبابية، وتضمنت رسالة واضحة للهجري مفادها أن مرجعيتهم دمشق ولا مجال لتدويل الملف.
ولفت معراوي في حديث لـ”قدس برس” إلى رفض المقومات التي كانت تتيح استمرار مشروع الهجري، ومنها السعي إلى غطاء شرعي لفيدرالية في السويداء وفتح ممر إنساني بين الجولان المحتل والسويداء، وقال إن هذا المشروع انهار تماما، كما انتهت أي آمال مرتبطة بمعبر داوود مع قسد، الأمر الذي جعل طريق دمشق هو المنفذ الوحيد لاستمرار الحياة في المحافظة، ما أضعف الميليشيا وخفف نشاطها.
ونوه إلى أن تعثر الاتفاق الامني بين سوريا والكيان نتيجة تمسك القيادة السورية بحدود خط فض الاشتباك لعام 1974 دون تعديل، إضافة إلى نجاح زيارة الرئيس السوري لواشنطن، وفشل اللوبي الاسرائيلي بعرقلتها، كلها عوامل دفعت نتنياهو إلى اوعاز ميليشيا الهجري بالتصعيد ورفع الأعلام الإسرائيلية، في محاولة للتعبير عن حنق سياسي، وإحراج الحكومة السورية داخليا، وتوجيه رسائل لترامب والداخل الاسرائيلي.
وقال معراوي إن قلق ميليشيا الهجري ظهر في خروقات وقف إطلاق النار والمسيرات المؤيدة لإسرائيل، باعتبار أن السويداء خرجت من التفاهمات الدولية ولم تتلق الجماعة أي وعد بدعم إمارة دينية. وأضاف أن الاختراقات السورية لعواصم القرار وزيارات الرئيس السوري للأمم المتحدة وموسكو وواشنطن جعلت الجماعة تشعر بأن المجال الدولي يغلق في وجهها، مؤكدا أن الرسالة العملية من إسرائيل للشيخ موفق طريف كانت واضحة: لا أمل بدعم أكبر، وطريقكم الوحيد دمشق.
وأشار إلى أن تصريحات الرئيس السوري، التي قال فيها إن جرح السويداء عميق ويحتاج للوقت، تعكس سياسة ضبط النفس التي تعتمدها الحكومة والتي تمنع الانجرار إلى رد عسكري غير مجد. ورأى أن الحل يكمن في تقديم نموذج حكومي جيد وانتعاش اقتصادي يتيح فرص عمل، ما يخلق رفضا مجتمعيا للميليشيات الانفصالية في ظل انسداد اي افق خارجي لدعمها.
من جهته، قال المحلل السياسي ياسر العيتي إن الاعتصامات ورفع الأعلام الإسرائيلية في السويداء خفت خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى ظهور مزاج عام داخل المحافظة يرى أن اندفاع الهجري لم يخدم مصالح الدروز. ولفت إلى وجود تسريبات حول تواصل بين الهجري والقيادة السورية لإيجاد حل، مضيفا أن لهجة إسرائيل تجاه الملف الدرزي انخفضت بشكل ملحوظ.
وأكد العيتي أن القيادة السورية تتبع سياسة الاحتواء وضبط النفس، وأن أي رد عسكري ستكون نتائجه سلبية، لأن توازن القوى لا يسمح بتحقيق ردع أو تحرير عبر خطوة منفردة. وقال إن زيارة نتنياهو الأخيرة كانت رسالة تهدف إلى التأكيد على أن أي ترتيبات في الجنوب لا تتم من دون موافقة إسرائيل، خصوصا بعد زيارة الشرع إلى واشنطن وما رافقها من انطباعات حول تفاهمات محتملة لا تصب في مصلحة إسرائيل.
وأشار العيتي إلى أن التمدد الإسرائيلي بعد سقوط النظام إلى مناطق جديدة، وما تقوم به من تفتيش واعتقالات، لم يتغير، لكنه رأى أن زيارة نتنياهو جاءت لتثبيت حضوره في الجنوب وإيصال رسالة للولايات المتحدة بأن هذا الوجود يجب أخذه بجدية في أي اتفاق قادم.
وتعكس مظاهرات السويداء الأخيرة حجم التوتر بين الجماعات المحلية والحكومة السورية، وسط رسائل سياسية متبادلة ومحاولات إقليمية لإعادة رسم خريطة النفوذ في الجنوب. وبين سياسة ضبط النفس التي تعتمدها دمشق، وتصعيد بعض الأطراف على الأرض، يبقى مستقبل السويداء مرهونا بتوازنات معقدة، وبالقدرة على استعادة الاستقرار الداخلي بعيداً عن المشاريع الانفصالية والتوظيف الخارجي.




