
“تصريح يهزّ جبل عمّان… وحكومة تردّ بعد صلاة العصر!”
بقلم: أ.د محمد تركي بني سلامة
من حقّ #الأردنيين أن يندهشوا، وأن يرفعوا حواجبهم – لا دهشةً فحسب، بل استغراباً ممزوجاً بضحكة صفراء – بعد تصريح المستثمر الأردني الكبير #زياد_المناصير الأخير، الذي نزل على الساحة الاقتصادية كحجر ضخم في بركة هادئة… أو هكذا كنا نظنها هادئة!
فالرجل الذي يعرفه الشعب بوطنيته، وبمواقفه، وبتاريخه الاستثماري الممتد، خرج — أو نُسب إليه أنه خرج — بتصريح أحدث ضجّةً تكاد تُسمع من الرابية حتى العقبة. تصريح واحد فقط… فارتبكت حسابات البعض، وتحوّل الاستثمار في الأردن فجأةً إلى موضوع ترند ينافس نتائج المباريات.
لكن الغريب ليس كلام المناصير فقط، بل الصمت الحكومي العجيب… صمتٌ يذكّرنا بتلك اللحظة عندما تسأل موظفاً عن معاملة، فيردّ عليك بعبارة خالدة: “راجعنا بعد الظهر.”
ومع ذلك… نحن هنا لا نشكّك أبداً في وطنية المناصير، ولا ننكر أن بيئة #الاستثمار في #الأردن مليئة بالعقبات، وأن هناك من المتنفذين من يعتقد أن الوطن مزرعة خاصة، وأن #المستثمر — مهما كان اسمه — يستطيع أن يُحلب، ويُضغط عليه، ويُلوى ذراعه.
الشعب نفسه تعاطف مع المناصير… لأن الأردنيين يعرفون أن “الدخان ما بطلع من دون نار”، وأن الرجل لو لم يشعر بأن ظهره للحائط لما نطق بكلمة.
لكن السؤال الذي يحرق اللسان:
هل تعرّض المناصير فعلاً للابتزاز؟
وإذا كان ذلك صحيحاً، فهل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد — بكل احترام — قادرة على التعامل مع هذا الملف بما يستحقه؟
أم أن المطلوب اليوم، وبلا مواربة، إنشاء “الهيئة الوطنية لتشجيع الاستثمار ومكافحة #الابتزاز”… هيئة تكون وظيفتها حماية المستثمر لا سماع شكواه، وتشجيع الاستثمار لا زرع الأشواك في طريقه؟
نحن أمام تصريح هزّ ثقة الناس، وهزّ صورة الدولة، وهزّ الاستثمار مثلما تهزّ الريح باباً مخلخلاً.
والأسوأ من ذلك… تأخّر ردّ الحكومة، الذي بدا وكأنها تنتظر “قراءة الفنجان” لفهم ما حدث!
ألم يكن من واجب الناطق الرسمي — حفظه الله — أن يخرج فوراً، ويوضّح للناس أصل الحكاية؟
أم أننا سنبقى ننتظر حتى يتبرّع أحد النواب بسؤال نيابي لكي تتحرك الحكومة من سباتها؟
إن تأخير الرد كان خطأً استراتيجياً… لأن سوق الاستثمار لا يحب الانتظار، ولا يفهم معنى “لقد تم تحويل استفساركم إلى الجهة المختصة”.
ولنكن واضحين:
زياد المناصير ليس مستثمراً عادياً، ولا رقماً في دفتر العطاءات. الرجل من أعمدة الاستثمار في الأردن، ومن أكبر الداعمين للاقتصاد الوطني، وأي هزّة في ثقته هي هزّة في ثقة الجميع.
وإذا كان الرجل — بتاريخه وثقله — يشتكي، فكيف سيكون حال المستثمر الصغير؟
ذلك المستثمر الذي لو حاول الاعتراض، لوجد نفسه يعيد ترتيب أوراقه في بلد آخر!
من هنا:
على الحكومة أن تقدم روايتها فوراً، وعلى المناصير أن يخرج للناس ويشرح: هل تعرض لضغط؟ هل حُرّف كلامه؟ هل زُج باسمه في معركة لا علاقة له بها؟
فالحقيقة ليست ملكاً للحكومة وحدها، ولا للمستثمر وحده… الحقيقة ملك للشعب الذي يريد أن يعرف:
هل بلدنا جاذب للاستثمار… أم جاذب للمستثمر فقط ثم طاردٍ له بعد ذلك؟
ختاماً…
هذا الملف ليس تفصيلاً، وليس مجرد زوبعة إعلامية. إنه اختبار لجدية الدولة في حماية الاستثمار، وفي محاربة الفساد، وفي كنس المتنفذين الذين يتغذّون على جيوب المستثمرين وعلى ثقة الناس.
وإذا لم يُكشف كل شيء بوضوح…
فقد نجد أنفسنا نكتب غداً عن “هيئة مكافحة عزوف المستثمرين” لا سمح الله!




