تصاعد المديونية يخالف رواية الحكومة حول التحسّن الاقتصادي

سواليف
تخالف أرقام الدين العام المترتبة على الأردن وارتفاعها 2.9 مليار دولار عام 2019 بنسبة 7.5% مقارنة بحجمها نهاية عام 2018، مزاعم الحكومة بتحسّن الوضع الاقتصادي، ووعوداً بالخروج من الضائقة المالية التي تشهدها منذ عدة سنوات.

فقد أظهرت أحدث بيانات وزارة المالية قبل أيام ارتفاع إجمالي الدين العام الأردني إلى 42 مليارا و588 مليون دولار بنهاية أكتوبر/تشرين الأول، ليمثل 96.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وأرجعت الوزارة ذلك إلى تمويل العجز بمديونية شركة الكهرباء الوطنية المملوكة للحكومة، وسلطة المياه البالغة 7.6 مليارات دينار.

وبحسب البيانات، ارتفع رصيد الدين الخارجي خلال 10 أشهر من العام الجاري بنحو 404.1 ملايين دينار إلى 12.492 مليارا، تمثل 40.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 12.088 مليار دينار تمثل 40.3% من الناتج بنهاية عام 2018.

كما ارتفع صافي رصيد الدين العام الداخلي بنهاية أكتوبر/تشرين الأول إلى 16.429 مليار دينار، تمثل 52.7% من الناتج، مقارنة بنحو 14.813 مليار دينار، تمثل 49.4% من الناتج بنهاية عام 2018. (الدينار يساوي 1.41 دولار).

ويرى خبراء أن ارتفاع الدين العام بهذا المستوى يعطي مدلولات سلبية على قدرة الاقتصاد على احتواء الزيادة المضطردة في المديونية، حيث ما زالت الحكومة مجبرة على الاستدانة من الداخل والخارج لتمويل عجز الموازنة والإنفاق على مجالات أساسية، خاصة الصحة والتعليم وتنفيذ مشاريع ذات أولوية.

وبحسب خبراء سألتهم “العربي الجديد” عن رأيهم في ارتفاع المديونية وعدم قدرة الحكومة على السيطرة عليها، يقترب الدين العام من تجاوز الناتج بتخطيه حاليا 96% منه، وهذا مؤشر خطير بالنسبة للوضع الاقتصادي.

في الإطار، قال الخبير الاقتصادي ووزير تطوير القطاع العام الأسبق، ماهر المدادحة، لـ”العربي الجديد”، إن الحكومات المتعاقبة كانت تسعى للحصول على مزيد من القروض من دون الانتباه إلى مخاطر الاقتراض، وإن كانت بأسعار فائدة منخفضة لكنها ترتب في النهاية أعباء مالية كبيرة، وتؤدي إلى ارتفاع أقساط الديون وفوائدها، وبالتالي ارتفاع بقاء عجز الموازنة على ارتفاع.

وأضاف المدادحة أن مواصلة المديونية ارتفاعها يدل أيضا على فشل السياسات الحكومية وعدم تحقيقها نتائج إيجابية على أرض الواقع، بدليل استمرار عمليات الاقتراض الداخلي والخارجي، وبالتالي زيادة الأعباء على الاقتصاد الوطني لسنوات طويلة قادمة.

وأشار إلى أن الاقتراض الداخلي له العديد من المخاطر، وأهمها استنزاف السيولة المحلية، ومزاحمة القطاع الخاص للحصول على التمويل من البنوك المحلية التي تفضل شراء السندات الحكومية على تقديم القروض للأنشطة الاقتصادية المختلفة.

ويرى الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ”العربي الجديد” أن الأمر الأخطر الذي طرأ على الساحة المحلية أخيرا هو اقتراض الحكومة من مؤسسة الضمان الاجتماعي.

وقال إن ارتفاع حجم الاتكاء الحكومي على مؤسسة الضمان للاقتراض يعرّض الأخيرة لمخاطر كبيرة، في الوقت الذي تواجه فيه ارتفاع الإنفاق على الرواتب التقاعدية والتقاعد المبكر لمشتركيها.

وكشفت رئيسة صندوق استثمار الضمان الاجتماعي، خلود السقاف، للمرة الأولى، عن حجم القروض التي حصلت عليها الحكومة من المؤسسة، والتي تبلغ نحو 8.4 مليارات دولار، منها 700 مليون دولار عام 2019.

معلوم أن الضمان الاجتماعي مؤسسة يفترض أنها مستقلة وتمثل مدخرات الأردنيين والعمال الوافدين لغايات تأمين رواتب تقاعدية لهم، إلا أن الحكومة جعلت تبعية المؤسسة لها وتسيطر على القرار المالي والاستثماري وحتى الإداري فيها.

وأشار مرجي إلى أن الاقتراض من المؤسسات الدولية، مثل الصندوق والبنك الدوليين، يجعل الأردن تحت ضغوط هذه الجهات ويجبر الحكومة على الاستجابة لشروطها واتخاذ قرارات تضر بالمواطنين، مثل رفع الضرائب والأسعار، حيث يطالب الصندوق الحكومة برفع أسعار الكهرباء والمياه، ضمن تفاهمات تسبق اعتماد برنامج جديد للإصلاح في السنوات الثلاث المقبلة.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ”العربي الجديد” إن الزيادة المضطردة في حجم الدين العام لا تبعث على التفاؤل، لأنها اقتربت من مساواة الناتج المحلي الإجمالي، حيث تنمو فوائد الديون، إضافة إلى استمرار الحكومة في الاقتراض من الصناديق الدولية والبلدان الأُخرى وطرح سندات دولية تفاقم أعباء المديونية العامة.

وأضاف أن التكاليف على الاقتصاد نتيجة ارتفاع المديونية كبيرة جداً، حيث تزداد سنوياً أقساط الدين العام وفوائده ويُخصّص لها مبالغ من حجم الموازنة العامة التي تعاني أصلاً من ارتفاع العجز إلى مستويات قوية، حيث يبلغ نحو مليار دولار، بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية.

ومن وجهة نظر الخبير عايش، فإن الحل الأمثل لتحسين الوضع الاقتصادي يتمثل في تحسين فرص الاستثمار وتحفيز رجال الأعمال العرب والأجانب والأردنيين للاستثمار في الأردن، والاستفادة من الفرص المتاحة، وهذا ما يتطلب إعادة نظر في مجمل متطلبات الاستثمار وتعقيدات البيروقراطية وأعباء الرسوم والضرائب.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى