انتقد المفكر الأميركي #نعوم_تشومسكي موقف #الولايات_المتحدة من #الحرب الدائرة في #أوكرانيا، واصفا موقف واشنطن بأنه يتمثل بمواصلة الحرب حتى يقتل آخر أوكراني.
وقال تشومسكي في مقابلة مع صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية، إن هناك احتمالان فيما يتعلق بانتهاء #الحرب_الأوكرانية، موضحا “الاحتمال الأول يتمثل في مواصلة تسهيل تدمير أوكرانيا، والانتقال بعدها إلى #حرب_نووية محتملة. هذا احتمال وارد. وعندما تقرأ عنوانا عريضا في صحيفة بارزة في الولايات المتحدة يقول (علينا تدمير روسيا) ويطالب بذلك، فهذا يعني الرغبة في القضاء على كل من في أوكرانيا والانتقال بعدها إلى حرب نووية قد تنهي الحياة البشرية على الأرض”.
وأضاف: “يتمثل البديل للسيناريو السابق بالمضي إلى تسوية دبلوماسية متفاوَض عليها. وهذا النوع من التسوية سيكون قبيحا من دون شك. وذلك لأنه يعني تقديم خطة هروب من نوع ما للرئيس فلاديمير بوتن. وإذا لم توفر له هذه التسوية خطة هروب، فإنه لم يتبق لبوتن أي خيار غير استخدام كامل قوته وجر العالم لحرب نووية شاملة”.
وتابع: “أي تسوية ينبغي أن توفر خطة هروب من نوع ما للرئيس الروسي، والجميع يعرف ما هي هذه الخطة. هي تسوية تضمن بقاء أوكرانيا دولة محايدة، ومخرجا دبلوماسيا ما لتجميد وضع دونباس وشبه جزيرة القرم من أجل مناقشته في مرحلة لاحقة، ووقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الروسية. هذا أساسا هو إطار التسوية الممكن. وكما يعرف الطرفان، هذان هما الخياران الوحيدان المتاحان”.
وعن موقف الولايات المتحدة من الأزمة الأوكرانية، قال تشومسكي: “موقف واشنطن هو مواصلة الحرب حتى يُقتل آخر أوكراني. هذه ليست كلماتي وإنما جملة أستعيرها من إحدى الشخصيات الدبلوماسية المحترمة في أميركا، وهو السفير الأميركي الأسبق في السعودية تشارلز فريمان. فقد وصف بالتفصيل استراتيجية الولايات المتحدة إزاء النزاع، وقال إنها تتمثل في (مواصلة القتال حتى سقوط آخر أوكراني)، لكن دون اللجوء إلى تسوية سياسية، ودون تقديم أي مخرج من هذا النزاع. ولا يقف خيار القتال حتى سقوط آخر أوكراني عند معناه الحرفي، وإنما يشير إلى احتمال قوي للانتقال إلى صِدام بين القوى النووية الكبرى، أي نهاية العالم في شكله الحالي، بصيغة أخرى”.
واعتبر المفكر الأميركي أنه كانت هناك فرصة كبيرة في نهاية الحرب الباردة خلال عهد الرئيس بوش الأب، موضحا: “عندما قدم الرئيس ميخائيل غورباتشوف رؤيته لإدارة حقبة ما بعد الحرب الباردة، اقترح أن تكون منطقة أوروبا وآسيا موحدة وممتدة من لشبونة إلى فلاديفوستوك دون أي تحالفات عسكرية، أو ما سُمِّي حينها (دار أوروبا المشتركة)، كان ذلك أحد الخيارات المقترحة”.
وحول الاقتراح الأميركي وقتها، قال تشومسكي: “خيار الرئيس بوش الأب، فلم يكن مختلفا جدا عن مقترح نظيره السوفياتي حينها. إذ اقترح ما سماها (شراكة من أجل السلام). والسفير تشارلز فريمان الذي اقتبستُ كلامه قال إن ذلك الخيار كان ضروريا لإدارة ذلك النظام الذي كان توجد روسيا في صلبه”.
واستطرد قائلا: “الشراكة من أجل السلام، لم تستثنِ حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بل حافظت على علاقتها به. وكان ممكنا توسيع دائرة تلك الشراكة لتشمل روسيا. فتأسيس شراكة عامة من أجل السلام قد يؤدي بالتالي إلى تآكل التحالفات العسكرية أو اختفائها. كان هذا احتمالا قائما”.
وأعاد تشومسكي الحديث الذي ذكره السفير فريمان بشأن المسألة قائلا: “في 1994، عندما أصبح بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة، بدأ يتحدث عن (الشراكة من أجل السلام) عندما كان يخاطب الروس، لكنه يقول إنه سيوسع الناتو ليصل الحدود الروسية، عندما يخاطب العالم! تلقى حينها إدانة شديدة من الرئيس بوريس يلتسين في 1996 حين عرض خريطة موسعة للناتو، وأيضا في 1997 عندما دعا بولندا وسلوفينيا وهنغاريا للانضمام إلى الناتو، وجعله بذلك يلامس الحدود الروسية. وكان هذا انتهاكا صارخا لوعد ثابت قدمه الرئيس الأسبق بوش الأب إلى غورباتشوف مفاده أن الناتو لن يتوسع شبرا واحدا في اتجاه الشرق، أي شرق ألمانيا”.
واسترسل موضحا: “أوفى بوش الأب بوعده، واحترم كلينتون ذلك الوعد بضع سنوات ثم خرقه بعد ذلك، فاعترض الروس على نقض أميركا وعدها، لكنهم تعايشوا معه على مضض. وعندما تولى جورج بوش الابن السلطة في البيت الأبيض، ألقى بذلك الوعد عرض الحائط ودعا سلسلة من دول الاتحاد السوفياتي السابق للانضمام إلى الناتو. وفي 2008، ذهبت أميركا أبعد من ذلك، ودعت أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو. وكل ديبلوماسي أميركي مثل جورج كينن وهنري كيسنجر وجاريد ماتلوك ومدراء وكالة الاستخبارات المركزية، كانوا يدركون جيدا أن جورجيا وأوكرانيا خطوط حمر. فقد يتحمل الروس الكثير، لكن ليس دخول حلف عسكري عدواني إلى قلب منطقة نفوذهم الاستراتيجي”.
وبيّن أنه “ما كان أي قائد روسي ليقبل بذلك! لا بوريس يلتسين ولا غورباتشوف ولا غيرهما. مع ذلك، مضى جورج بوش الابن قدما في قراره الذي عارضته فرنسا وألمانيا عبر حق النقض بسبب إدراكهما خطورة ذلك، لكنهم واصلوا نهج توسيع الناتو رغم كل شيء”.
وأشار تشومسكي إلى أنه “بعد انقلاب ساحة ميدان في أوكرانيا، اندفعت أميركا مباشرة وبدأت تُشرك أوكرانيا علنا في مهمات الناتو العسكرية وصفقات التسليح وغير ذلك. وفي سبتمبر 2021، أي قبل بضعة أشهر، أدلى الرئيس بايدن بتصريح رسمي بشأن سياسته الخارجية، ونص هذا الخطاب موجود في الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض وسبقه تصريح مماثل له سنة 2001، ولم تتناقل وسائل الإعلام الأميركية فحواه داخليا لكنني واثق أن الروس اطلعوا عليه. ذلك الخطاب يدعو إلى برنامج تعزيز عضوية أوكرانيا في حلف الناتو، ويطالب بإرسال شحنات جديدة من الأسلحة المتقدمة لأوكرانيا، ويتحدث عن مناورات عسكرية مشتركة تجمع أوكرانيا والولايات المتحدة، ويشير إلى تقديم تدريبات لضباط الجيش الأوكراني وغير ذلك”.
واختتم حديثه قائلا: “الوضع الحالي يتركنا أمام خيارين لا ثالث لهما: مواصلة الولايات المتحدة سياستها التي بدأتها عام 2001 والاستمرار في إشراك أوكرانيا في أنشطة حلف الناتو على غرار المناورات العسكرية المشتركة، وهذا يعني تدمير أوكرانيا، ثم نشوب حرب نووية مدمرة بعدها. أما الخيار الثاني، فهو تخلي أميركا عن موقفها الحالي واتباع النهج الذي يسلُكه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تكثيف النقاش مع بوتن بغية التوصل إلى تسوية سياسية بمعناها الضيق من شأنها توفير خطة هروب أو مخرج لبوتن من هذا النزاع”.