
ترمب … يفاوض الجميع ويفرض على العرب
المفاوضات الدولية تجري في العادة بين الشعوب ويكون المفاوض ممثلا لشعبه لا يحيد عن
توجهاته وتطلعاته والا فان المفاوض يقف امام دولة اخرى بكافة اجهزتها الرسمية والشعبية
منفردا اعزل يسهل افتراسه وفرض ارادة الطرف الاخر عليه .
ذهب غاندي ليقابل ملكة بريطانيا ممثلا للشعب الهندي ومفاوضا عن شعبه الذي يقبع تحت الحكم
الاستعماري البريطاني بعد العصيان الذي قام به الشعب الهندي ضد مستعمره الذي انهكه اقتصاديا
واستولى على موارده واستعبده واستخدمه حتى في حروبه عبر القارات ومنها المنطقة
العربية.
استعدت الملكة جيدا لاستقبال الضيف وعندما نزل غاندي من الطائرة في مطار لندن وكانت الملكة
تنظر استقباله كان غاندي حافي القدمين وعاري الجسد الا ما يستر العورة ، استغربت الملكة
وسألت غاندي هل انت من يفاوض عن الهند فقال العظيم غاندي جئتك امثل شعبا حفاة الاقدام
وعراة بلا ملبس وجائعين بلا طعام جئتكم كمواطن يحمل هموم شعبه ويحس بهم ويمثلهم .
وفي مطلع الستينات ارسلت فيتنام وفدا الى باريس للتفاوض مع الاميركان فقامت المخابرات
الاميركية بتجهيز اقامة للوفد الفيتنامي في ارقى فنادق باريس وجهزت لهم كل اسباب الراحة
وعندما وصل الوفد المؤلف من رجلين وامرأتين كانت هناك سيارات تنتظر الوفد لتقله الى موقع
الاقامة الفخم .
رفض الوفد ركوب السيارات وطلب مغادرة المطار بطريقته على ان يحضر الاجتماع في الوقت
المحدد ، استغرب الوفد الاميركي وقال لهم جهزنا اقامة مريحة في فندق فخم فاين ستكون اقامتكم
فاجاب الفيتنامي سنقيم عند طالب فيتنامي في احد ضواحي باريس واستطرد قائلا كنا نقاتلكم ونقيم
في الجبال وننام على الصخور ونأكل الحشائش فلو تغيرت علينا طبيعتنا نخاف ان تتغير معها
ضمائرنا فدعونا وشأننا و فعلا ذهب الوفد واقام في منزل الطالب الفيتنامي.
هذه هي معادلة المفاوضين الشرفاء ومن ذهب الى اي مفاوضات بدون هذه الاسلحة ذل وعليه
فقد كان المفاوض العربي الجنرال محمد عبدالغني الجمصي في الكيلومتر 101 مفاوضا شرسا
لكنه كان عندما يصل الى نقطة ما في المفاوضات ويصر عليها كان الامر ياتيه من الاعلى
بالموافقة والتنازل .
يقول الصهيوني هنري كيسنجر انه في احدى جولات هذه المفاوضات رفض الجنرال والوفد
المفاوض احد البنود وقيل لهم حتى لو وافق الريس وكان الريس قد وافق فعلا فما كان من
الجنرال الا ان تنحى جانبا تسبقه دموعه فقال كيسنجر مواسيا الجنرال انا اعرف ان العسكري
عندما يتقدم في ارض المعركة يعز عليه التراجع عنها.
كنا نفاوض بكامل اناقتنا ببذلات من افخر دور الازياء وكنا نفاوض في المنتجعات المعدة من قبلهم
لم ندرس فلسفة غاندي والجنرال جياب ولم نعد الى ارثنا الحضاري الاسلامي فقد قال المفاوض
المسلم اتيتكم من عند قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة وقيل لابن الخطاب عمر وهو نائم في
ظل شجرة ملتحفا مرقعته وهو امير المؤمنين عدلت فامنت فنمت .
لقد هنتم في نفوس اعدائكم بعد ان فصلوكم عن شعوبكم واعطوكم الحق في نهب مقدرات دولكم
وسلطوكم على الشعوب فحق لترمب ان يوجه اليكم الاهانة ويوجهها للحزب المنافس الذي لم
يتعامل معكم بنفس النهج الاستعلائي ليبقى حزبه هو المسيطر في الانتخابات الاميركية .
يدق ترمب طبول الحرب الكاذبة على ايران ويدعوها للتفاوض حول ملفها النووي وترفض
والهدف واضح وهو انه لن يحارب ايران لكن فاتورة تحريك القاذفات الاستراتيجية مدفوعة دون
قيد او شرط والسبب انه يفاوض شخصا لا شعبا وما على هذا الشخص الا ان يذعن لكافة
الاملاءات التي تفرض عليه وهو ما دفع ترمب لان يفرض علينا ولا يحترمنا ولا يخشى غضبة
تشبه الغضبة الايرانية او الكورية الشمالية وحتى الجنوبية الحليفة والتي استدعت القوات
الاميركية لمواجهة تهديد الجارة الشمالية رفضت ان تدفع ثمن التحركات الاميركية المعدة
لحمايته.




