تراجع النزاهة في الجامعات الأردنية: نتيجة طبيعية لقيادات فاشلة لا تؤمن بالعلم

#سواليف

تراجع #النزاهة في #الجامعات_الأردنية: نتيجة طبيعية لقيادات #فاشلة لا تؤمن بالعلم

بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة

ليس مفاجئًا – ولا حتى مستغربًا – أن تأتي نتائج #مؤشر_النزاهة الأكاديمية في بعض الجامعات الأردنية بمستويات “سيئة جدًا” و”مقلقة”. ما نعيشه اليوم من انحدار في سمعة #التعليم_العالي الأردني، خاصة في ميدان البحث العلمي، هو النتيجة الحتمية لمسار طويل من التعيينات الفاسدة، والتسلق غير المستحق إلى مواقع القيادة في جامعاتنا. لقد أصبح الكرسي هو الهدف، لا الأكاديمية، وأضحى المنصب غنيمة لا مسؤولية.

إن تسلّق بعض الأشخاص إلى رئاسة الجامعات عبر المحسوبية والشللية، وليس عبر الإنجاز والكفاءة، هو أصل الداء. هؤلاء لا يملكون الرؤية الأكاديمية، ولا يحترمون قيمة البحث العلمي، بل يرونه عبئًا يعرقل طموحاتهم الشخصية في “تلميع” صورتهم، أو صورة من جاءوا بهم، وليس في خدمة المجتمع أو الارتقاء بالمؤسسة.

هكذا وجدنا أنفسنا أمام قيادات تعتبر الجامعة مجرد مسرح للعرض الدعائي، تهدر فيها الأموال على تصنيفات وهمية، وتحارب الكفاءات الحقيقية لأنها تُشعرها بالنقص. ليس مستغربًا إذًا أن تتراجع مؤشرات النزاهة، لأن القيادات الجامعية التي لا تؤمن بالعلم ولا تشجع الإبداع، لا يمكن أن تنتج بيئة نزيهة.

ما يعانيه البحث العلمي في بعض الجامعات الأردنية اليوم هو الإقصاء والإهمال والتهميش. لم يعد البحث أولوية، بل أصبح وسيلة لتجميل الواجهة الإعلامية لرئيس الجامعة “العبقري” – كما يحب أن يُوصف – حتى لو كان ذلك على حساب تزوير النتائج، أو دفع الأموال، أو توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة غير أخلاقية.

كيف ننتظر نزاهة من مؤسسات أصبحت أولويتها “الولاء الشخصي” للرئيس، لا الولاء للجامعة، ولا للوطن؟ كيف ننتظر تميزًا أكاديميًا من بيئة تُقصي كل صوت حر، وتحارب من يُنتج معرفة حقيقية، وتُكافئ من يصفق ويطبل؟

ما يسيء فعليًا لسمعة الجامعات الأردنية ليس فقط هذه الممارسات الفاسدة، بل السكوت عنها، والتعايش معها، وإبقاء من يمارسها في مواقعهم دون محاسبة. إن بقاء هذه القيادات دون تقييم أو مراجعة هو الجريمة الأكاديمية الكبرى، وهو ما يُنذر بمزيد من التدهور والانهيار.

إن تحسين ترتيب الجامعات في التصنيفات العالمية لا يكون بشراء الأرقام، ولا بشراء مقالات مدفوعة أو تعيين باحثين أجانب لأغراض تسويقية، بل يكون فقط من خلال بيئة علمية حقيقية: أبحاث محترمة، شفافية مالية، حرية أكاديمية، خريجون قادرون على المنافسة. هذه الأسس لا يمكن تحقيقها إلا بقيادات تؤمن فعلاً بالعلم، لا بالاستعراض.

أخيرًا… الشكر لمن دق ناقوس الخطر

نشكر معالي الدكتور عزمي محافظة على شجاعته في قول الحقيقة، وفضح المستور، وإطلاق جرس إنذار لا يجب أن يمرّ مرور الكرام. فالأردن يستحق جامعات يفتخر بها، لا جامعات نعتذر عنها.

المطلوب اليوم: محاسبة، لا تبرير. تغيير، لا تجميل. تجديد دماء القيادات الجامعية بمن يؤمنون بأن الجامعة مؤسسة علمية وطنية، لا شركة علاقات عامة لرئيسها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى