تراثيات / نبيل عماري

تراثيات / نبيل عماري
المطوى أو الوهد


من منا في صغره لم يشاهد مطوى الفراش أو كما يسمى الوهد والذي كان موجود بكل بيت في المدن والحضر والبوادي وكان يصنع بالغالب من الواح خشبية بجانب الخزانة أو يبنى له داخل العقد ضمن بيوت الحجر أو الطين ويوضع عليه اللحف والفراشات والمخدات وحتى صرر النقود والقجج وعلب التوفي والبسكوت الأنجليزي وأكياس الملبس والفيصلية كانت توضع ما بين اللحف الفرشات أذن هو مخبأ سري لكل شيء من فراطات ودنانير وبرايز وقروش مربوطة بمحرمة قماشية ومحشوة بين ثنايا الفرشات ومبارم ذهب عصملي ومطوى الفراش يغطي بشرشف جميل وحتى بلا شرشف كان منظره جميل بسبب تعدد ألوان الملاحف وألوان اللحف التي تلمع من جراء قماش الستان المتعدد الألوان ، وكانت جداتنا وأمهاتنا يضعن انواع من المعطرات الطبيعية بين كل فرشة ولحاف مثل زهر اللافندر او العطرة وكبش القرنفل وورق الليمون ويتم غسل الملاحف دورياً بمادة اللافكس والنيلة وبماء الغلي والذهاب للمنجد لتنجد اللحف والفرشات والمخدات وبقماش جديد مما يعطي رونق جميل للمطوى ، وكانت الناس بالسابق تهتم بالمطوى والفراش وبأعداد كثيرة من اللحف والفراشات لأن الضيوف كانوا كثيرين وسبل المواصلات من مدينة إلى أخرى كانت صعبة مما يستوجب المنامة ومن منا تسحبه لزماننا الجميل وفي أيام الصيف الحارة وبعد شطف سطح البيت يتم أحضار اللحف والفرشات والمخدات من على المطوى لغايات النوم الهني تحت سماء صافية تزخر بالنجوم وقمر الحصادين ..واليوم أختفى المطوى والوهد وأختفى المنجد إلا في بعض الأماكن ومحارم جداتنا لم تعد موجودة والعطرة ذبلت وكثير ممن تعلقن بهن وهن يغسلن الملاحف ويترتبن المطوى ذهبن لدار الحق وضاع المطوى وصار ركن تراثي في المتاحف والمطاعم وغاب عن بيوتنا بسبب التطور الحضاري إلا القليل والمطوى والوهد لم يعرف معناها أو قيمتها هذا الجيل في هذا الزمن الذي نسي الماضي وقلع الجذر !!!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى