تذاكر الرئيس المجانية / سلامة الدرعاوي

تذاكر الرئيس المجانية

في الوقت الذي تقدم فيه الحكومة دعما مباشرا من خزينتها لدعم شركة الملكية الأردنية، يقدر بـ 200 مليون دينار، تلك الشركة المتعثرة القابعة تحت خسائر تفوق الـ 114 مليون دينار، وهو رقم يتجاوز رأسمالها ما يلزم بتصفيتها، ومديونية تناهز الـ420 مليون دينار، تمنح الإدارة السابقة للملكية رئيس وزراء سابق بطاقة الـ”annual pass ” التي تتيح السفر مجانا لحاملها.

هذه البطاقة مدتها عام واحد وتجدد من قبل الإدارة التنفيذية للملكية، وتمنح لأعضاء مجلس الادارة والمدراء التنفيذيين الحاليين والسابقين ورؤساء المجالس العاملين والسابقين وبعض الموظفين من الإدارة العليا الذين أمضوا فوق عشر سنوات للشركة، فقط لاغير.

الجديد في الأمر أن رئيس مجلس إدارة سابق تواطأ سرا مع رئيس وزراء سابق، للحصول على هذه البطاقة بحجة أن ذلك الرئيس كان عضوا سابقا في مجلس إدارة الملكية، ما يسمح له بالحصول على تذاكر سفر مجانية له ولعائلته، والحقيقة أن عضو مجلس الادارة السابق لايسمح له باقتناء مثل هذه البطاقة، ولا يتمتع سوى بخصم 50 بالمائة على أسعار التذاكر بسعر السوق.

مقالات ذات صلة

حادثة حصول رئيس وزراء سابق على تلك البطاقة التي تتيح له ولعائلته السفر المجاني على متن الملكية، لها مدلولات اقتصادية واجتماعية وإدارية وشعبية مهمة من أبرزها ما يلي:

1- فقدان الحاكمية والشفافية والنزاهة في إحدى كبريات الشركات الرسمية، التي تتجاوز ملكية الحكومة فيها 77 بالمائة من رأسمالها، وأن هناك حصانة من المساءلة والمحاسبة لإدارتها وغياب للرقابة الحكومية عليها.

2- حالة التواطؤ الصريح والمخالفة للقانون بين الادارة التنفيذية السابقة للملكية ورئيس وزراء استغل قوة منصبه أثناء توليه المنصب للحصول على هذه البطاقة التي حصل عليها دون وجه حق، هي مسألة تسقط حكومات وبرلمانات في الدول المتحضرة التي تحترم القوانين.

3- سلوك مقزز يمارسه رئيس وزراء سابق بالحديث المتواصل عن محاربة الفساد والمحسوبية، لا بل إنه أقسم في بعض جلسات النواب أنه لا يعلم عن تعيين نسيب له في إحدى شركات الكهرباء، وأنه لا يوجد عليه أي قصة فساد من أي نوع كان، والواقع الذي كشفته الأيام أنه كان متواطئ مع رئيس سابق لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لتعيين نسيبه عضوا في إحدى الشركات التي يملكها الضمان، وأنه مارس أبشع أشكال التعيينات لأقاربه وضغط على الكثير من الشركات الحكومية لتمرير تعيين معارفه بشكل يتجاوز كل حدود الأخلاق والمهنية والعدالة في التوظيف.

4- ماذا كان سيوفر هذا الرئيس السابق الذي أنعم الله عليه، وبات هو وعائلته ملاكين عقاريين ولديهم منشآت رياضية وسياحية من السفر المجاني على متن الملكية المتعثرة، التي تحتاج إلى كل فلس لدعمها؟، هذا عمل غير أخلاقي وفيه توظيف للسلطة وتواطؤ على القانون، وأقولها بصراحة: “فيها دناءة نفس لا أكثر”.

5- رئيس مجلس إدارة الملكية السابق الذي منح الرئيس السابق بطاقة السفر المجانية هو محل اتهام مباشر بالمتاجرة بأموال الأردنيين بطرق غير آمنة على الاطلاق، وفيها اعتداء على أموالهم، وتتضمن استخفاف بالقوانين واستهتار بمشاعر المواطنين وتجاوز على القانون، لا بد من محاسبته والتحقيق معه لمعرفة الاسباب التي دفعته لاتخاذ مثل هذا القرار، والتأكد من أنه لم يحقق اي مكاسب هو الاخر من ارضائه للرئيس في ذلك الوقت بمنحه هذه البطاقة، خاصة وأن رئيس مجلس ادارة الملكية المعني هو ذاته رئيس مجلس ادارة صندوق الضمان الذي قام باجراء تعيينات أثارت الرأي العام.

تصرف رئيس الوزراء السابق ورئيس مجلس ادارة الملكية المعني بالأمر أنموذج للانتهازية التي أصابت عددا من المسؤولين الذين استباحوا المال العام بمجرد جلوسهم على مقاعد المسؤولية، ومارسوا أبشع أنواع الاستغلال وتوظيف السلطة لمصالحم الشخصية، وهم ممن ساهموا جليا في زعزعة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة ورجالاتها، وألحقوا أكبرر ضرر بمصداقية الدولة، هم وأمثالهم يجب أن يحاكموا علنا، على اعتبار أن محاسبتهم ستعيد بناء المصداقية مع المواطنين وتساهم بمحاربة الفساد والمحسوبية، وتعزيز النزاهة والشفافية في العمل العام.

salamah.darawi@maqar.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى