سواليف
مع اقتراب ساعة الصفر لإعلان خطة السلام الأمريكية “صفقة القرن” فإن الدبلوماسية الأردنية تسارع إلى فتح الخطوط مع دول عربية وإسلامية، خارج نطاق المعسكر السعودي الإماراتي؛ لامتصاص ارتدادات الضغوط التي يتعرض لها للقبول بالصفقة وخصوصا الاقتصادية منها.
ففي أقل من شهر شهدت الساحة الأردنية، قفزات في العلاقات مع قطر تمثلت بتبادل السفراء بعد انقطاع لسنوات، إلى جانب تسارع في مستوى العلاقات مع تركيا، حيث كشف السفير التركي في عمان مراد كاراغوز عن توقيع وثيقة تبادل تجاري مع عمان قريبا.
وتعاني المملكة من أزمة اقتصادية خانقة، وتعتمد بشكل كبير في موازنتها على المساعدات الخارجية التي تشكل المساعدات الأمريكية النسبة الأكبر منها، في ظل تراجع الدعم السعودي والخليجي بشكل عام الأمر الذي دفع الأردن للبحث عن شركاء جدد.
ورفعت عمان من مستوى التنسيق مع الجانب الفلسطيني، وشدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء الماضي، على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس، وضرورة التنسيق والتشاور بين الجانبين”.
اللقاء سبق جولة متوقعة لصهر الرئيس الأمريكي، وكبير مستشاري البيت الأبيض، جاريد كوشنر، الذي سيرأس وفدا أمريكيا في جولة جديدة في المنطقة لوضع اللمسات الأخيرة على الشق الاقتصادي لصفقة القرن.
عضو المجلس الوطني الفلسطيني، فوزي السمهوري، رأى أن اللقاء الأردني الفلسطيني يكتسب أهمية خصوصا أنه جاء بعد فشل ورشة البحرين، واستباقا لجولة كوشنر إلى المنطقة، وقبل الاجتماع الطارئ للقيادة الفلسطينية.
وحسب السمهوري، فإن “الموقف الفلسطيني الشجاع في رفض صفقة القرن وورشة البحرين أدى إلى إجهاض صفقة القرن وفرضها على القيادة الفلسطينية وعلى الدول المعنية وخصوصا الأردن، وهنا يأتي الموقف الأردني بدعم الموقف الفلسطيني ورفض صفقة القرن والتأكيد على الموقف الأردني الراسخ بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا الموقف أزعج مجرم الحرب نتنياهو وترامب المنحاز للقوى اليمينية المتطرفة للكيان الصهيوني، ومن هنا تكمن أهمية اللقاء للتشاور خصوصا بخصوص جولة كوشنر في المنطقة”.
عباس قال إن الجانبين الأردني والفلسطيني يعملان بشكل متواصل من أجل القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
مصادر فلسطينية وأردنية متطابقة، ابلغت أن رئيس السلطة محمود عباس أطلع الملك عبد الله الثاني خلال اللقاء على قرار منظمة التحرير بوقف العمل بكافة الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، رفضا للضغوطات التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية، وردا على عمليات التهويد في القدس المحتلة.
مسؤول أردني سابق، فضل عدم ذكر اسمه ، أشار إلى أن الموقف الأردني يتباين مع الموقف الفلسطيني في الغرف المغلقة، إذ تعطي المملكة الأهمية الأولى لملف الوصاية الهاشمية، على ملفات أخرى في قضية صفقة القرن، بغض النظر عن مصير إقامة الدولة الفلسطينية، على اعتبار أن الوصاية على المقدسات في القدس تعطي الشرعية الدينية للهاشميين، وهذا ما تحاول دول في المنطقة التأثير عليه”.
واستبعد المصدر “أن تصمد المملكة في وجه الضغوطات الأمريكية، وضغوطات بعض الدول العربية الخليجية، وكان ذلك ماثلا في ذهاب الأردن إلى ورشة البحرين تحت الضغط”.. على حد قوله.
ويعلن الجانب الرسمي تمسكه دائما في مواقفه المعلنة بقرارات الشرعية الدولية وخصوصا قرار مجلس الأمن 242 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 المعني بحق العودة، وتصر المملكة أن لا بديل لحل الدولتين الذي يضمن جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفِي مقدمتها حقه في الحرية والدولة على ترابه الوطني وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
الكاتبة لميس أندوني، قالت من جانبها إن الأردن “قلق ليس فقط على الوصاية الهاشمية فقط، إنما على الدور المرسوم له في الخطة الأمريكية التي لا تتحدث عن الدولة الفلسطينية المستقلة بل تتحدث عن ضم الضفة الغربية والقدس، وهذا ما يخيف الأردن.. أن تتولى الإدارة الأمنية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وهذا خطر على النظام في الأردن كما هو خطر على القضية الفلسطينية، لأن المدن الفلسطينية ستبقى محاصرة ويقتصر الأردن على السيطرة على الشعب الفلسطيني”.
وفسرت أندوني فتح الأردن خطوطا مع تركيا وقطر بأنه بسبب “خوف المملكة من الضغط السعودي والإماراتي والأمريكي، وخنقه اقتصاديا، لذا سعى الأردن لفتح خطوط مع الجميع كي يكون له هامش مناورة وتكون له علاقات اقتصادية وتجارية مع هذه الأطراف”.
وبحسب محللين فقد واجه الأردن تحديا كبيرا تمثل في انهيار تحالفاته التقليدية شيئا فشيئا، وبدأ التحالف بين النظام الهاشمي والسعودي بالانحسار بسبب الطلب من الأردن تبني الموقف السعودي من قضايا سوريا والحرب في اليمن، والموقف من إيران، وأخيرا ملف القدس، ما يتعارض مع المصالح الأردنية، و ذلك أدى إلى تآكل هذا التحالف..
جاء ذلك في وقت بدأت فيه العلاقات الاقتصادية التركية الأردنية تسير نحو التحسن رغم إلغاء عمان لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين في عام 2018، وزار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عمّان الثلاثاء 23 تموز/ يوليو، ضمن وفد أمني ضم وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان ومدير المخابرات التركية..
وهي زيارة رحبت بها شخصيات أردنية اعتبرت أنها تأتي في ظل تنويع المملكة خياراتها على مبدأ عدم وضع “البيض في سلة واحدة”، عقب ما تعرضت له المملكة من ضغوطات أمريكية وخليجية منذ عام 2017 في ملف نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وصولا إلى ما يسمى بـ”صفقة القرن”.
عربي 21